الغيطاني لـ”استثمارات”.. دول الخليج أقل تأثرا بانخفاض أسعار النفط ومصر نجحت في ملف الغاز بالمتوسط

قال الباحث في شؤون النفط والطاقة إبراهيم الغيطاني، إن دول الخليج العربي تأثرت نتيجة انخفاض أسعار النفط لكن لم تتأثر كثيرا كباقي الدول، وذلك بسبب الإجراءات التي تم اتخاذها من قبل لتساعدها على مواجهة مثل هذه الأزمات.

وقال الغيطاني في حوار خاص لـ”استثمارات”، إن أسعار النفط لن تتعافى قبل عام على الأقل بسبب تداعيات أزمة جائحة كورونا “كوفيد 19″، وإلى نص الحوار:

– ما هي أبرز الأسباب التي تسببت في انخفاض أسعار النفط واستمرار هذا الانخفاض لفترة طويلة؟
أسعار النفط بداية من نهاية عام 2019 شهدت موجة من الانخفاض متأثرة بعد عوامل، وجاءت جائحة كورونا “كوفيد 19” لتزيد من هذا الانخفاض وتجعله مستمرا لفترة طويلة.
فالمعروض النفطي كان مرتفعا في نهاية 2019، كما بلغ الانتاج النفطي الأمريكي ارتفاعا كبيرا وصل لأكثر من 13 مليون برميل يوميا في بعض الأوقات، بجانب وجود وفرة في المعروض النفطي من قبل عدة دول خارج منظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك” مثل البرازيل والمكسيك ودولا أخرى، إلى جانب فشل مجموعة “أوبك +” في التوصل لاتفاق مبكرا لخفض انتاج النفط حفاظا على استقرار الأسعار، ما تسبب في وجود تخمة في المعروض.
ومع بداية ظهور أزمة كورونا في فبراير الماضي زاد من أزمة انخفاض أسعار النفط، حيث بدأت معظم الدول ابتاع إجراءات إغلاق الاقتصاد وهذا أثر على استهلاك القطاعات الصناعية والمنزلية، ما أدى لانخفاض الطلب على النفط.

– هل تعود مستويات الطلب على النفط إلى ما كانت عليه في 2019؟
مستويات الطلب على النفط لن تعود إلى حالها في عام 2019، وذلك بسبب وجود تخمة في المعروض بجانب استمرار أزمة كورونا، وخلال الفترة من يناير إلى مايو الماضي هبطت الأسعار بأكثر من 100 %، حيث وصلت في بعض الفترات إلى مستوى 20 دولارا للبرميل.
لذا الاستمرار في انخفاض أسعار النفط وارد بشكل كبير بسبب المخاوف من حدوث موجة تفشي ثانية من فيروس كورونا، فهناك بعض الحكومات ستقوم بإجراءات غلق جزئي للبلاد وبعضها قد يقوم بغلق كلي، في حال حدوث الموجة الثانية ما سيؤثر كثيرا على الطلب على النفط وهو يؤخر تعافي أسعار النفط التي قد لا تتعافى قبل مرور عام على الأقل في النصف الاول من 2021.

– كيف ترون اتفاق مجموعة “أوبك +” على خفض انتاج النفط حفاظا على مستوى الأسعار؟
كسر النفط حاجز الـ40 دولارا للبرميل أمر مهم ومفد لمنتجي النفط، وهذا أمر غريب أن تتفق أعضاء أوبك على خفض انتاج النفط لأكثر من الثلث، فهي تنتج حوالي 33-34 مليون برميل يوميا، بجانب منتجين آخرين مثل روسيا والمكسيك والنرويج، وهذا الاتفاق ساعد في استقرار الأسعار رغم أنه تأخر كثيرا.

– من هم أبرز المستفيدين من استمرار انخفاض أسعار النفط؟
انخفاض أسعار النفط، سيكون مفيد بشكل عام للدول المستوردة، فهناك بعض الدول بدأت تخزين مخزون ضخم، لكن هناك حدود قصوى للاستفادة من عمليات الانخفاض بسبب وجود حدود لعمليات التخزين وكذلك التكرير، فمثلا زادت الهند والصين من المخزون الاستراتيجي للنفط لكن ستبقى الاستفادة محدودة.

– كيف ترى تأثير أزمة انخفاض أسعار النفط على دول الخليج العربي؟
ستتأثر دول مجلس التعاون الخليجي العربي المنتجة للنفط بانخفاض الأسعار، لكن ليس بشكل حاد، حيث من المتوقع أن يصل العجز في ميزانيات بعض الدول إلى 15 %، ومستوى الضرر سيكون متباينا، فهذه الدول لديها صناديق ثروة سيادية ضخمة بجانب انخفاض مستويات الدين لديها ما سيدعمها في تجاوز الأزمة أو على الأقل الصمود أمامها، وهذه ليست أول أزمة فسبق أن انخفضت الأسعار في 2014 واستطاعت دول الخليج التغلب على هذا الأمر.
كذلك هناك أضرار مالية، خاصة لمنتجي النفط على مستوى العالم فانخفاض أسعار النفط سيؤثر على اقتصاديات هذه الدول بجانب تداعيات كورونا التي أثرت على القطاعات غير النفطية مثل السياحة وقطاع الخدمات وغيرها من القطاعات الاقتصادية، فمثلا بعض الدول التي كانت تحاول القيام بتنويع اقتصادي ستضرر.

– هل يؤثر استمرار انخفاض أسعار النفط على عمليات الانتاج والاستكشاف الجديدة؟
هذا الأمر سيؤثر بالطبع على توقيع شركات النفط عقودا جديدا سواء بالبحث أو الاستخراج، فقطاع الطاقة سيظل متأثرا بهذه الأزمة لمدة سنتين على الأقل وبالتالي سيؤثر على الاستثمارات وهذا سيختلف من منطقة لأخرى.
فمثلا الولايات المتحدة تنتج النفط الصخري، وتصل تكلفة البرميل الواحد لأكثر من 50 دولارا للبرميل في بعض الأحواض، بينما تصل في أحواض أخرى إلى 30 دولارا للبرميل، ما يدفع في إغلاق بعض الأحواض والمصافي لأنها ستحقق خسائر، وهناك شركات أغلقت.
وهناك بعض المشروعات النفطية قد تؤجل في دول منطقة الشرق الأوسط، لأن الوضع بشكل عام غير جاذب للاستثمارات، حتى للشركات الكبرى مثل توتال وإيني، فمثل هذه الشركات قد تؤجل الاستثمارات في قطاعات النفط لمدة عامين على الأقل.

– ماذا عن الوضع في منطقة شرق المتوسط التي تشهد عمليات استكشاف جديدة خاصة في قطاع الغاز؟
منطقة شرق المتوسط ذات وضع خاص فيما يتعلق بتقلبات قطاع الطاقة، حتى قبل كورونا تواجه تحديات في عمليات الانتاج بسبب التوترات السياسية والخلاف على ترسيم الحدود البحرية بين بعض هذه الدول، كذلك نتاج الغاز في منطقة شرق المتوسط ذو تكلفة مرتفعة نوعا ما عن مناطق انتاج أخرى في العالم، وكذلك عملية التصدير مرتفعة قليلا مثل خط أنابيب “إيست ميد” عبر قبرص واليونان إلى تركيا جدوى هذا المشروع التجارية منخفضة مقارنة باستيراد أوروبا الغاز من روسيا، لكن جاءت كورونا وأضافت المزيد من المشكلات.
وهذا الأمر سيؤجل عمليات التصدير بشكل عام من الدول المنتجة إلى الدول المصدرة ما خلق حالة من التباطؤ في عمليات الاكتشاف والانتاج.
– وما هو تقييمك لوضع مصر في هذه الأزمة؟
نجحت مصر نجحت في تخطي هذه الأزمة فقد بدأت عمليات التنقيب والانتاج مبكرا عن الغاز في منطقة شرق المتوسط منذ عام 2015، ما دعمها بقوة في استمرار عمليات الاستكشاف والانتاج، إضافة إلى وجود سوق محلي ضخم يستهلك هذا الانتاج ما يشجع الشركات على استمرار وزيادة أعمالها بجانب رخص دورة الانتاج في مصر، بالتالي مصر من النماذج الناجحة مقارنة بدول أخرى في حوض شرق المتوسط.
كما أن التركيب الجيولوجي للصخور في منطقة شرق المتوسط التي تخص مصر ذات انتاج واعد مقارنة بباقي دول الحوض أكثر من قبرص ولبنان واليونان وغيرهم، لذا مصر أقل الدول تضررا من تأثير كورونا على قطاع النفط والغاز فالشركات الأجنبية ما زالت تقوم بعمليات الاستكشاف والانتاج مثل “شل” و”بي بي” البريطانية.
ومصر سوق جذاب وقوي والشركات تضمن توجه انتاجها للسوق المحلي المصري وسيستوعب هذا الأمر، خلافا لدول أخرى تعتمد على تصدير انتاجها أو معظمه ما قلل من استثمارات وعمل شركات الطاقة بسبب تباطىء عمليات الطلب، فقد ألغت بعض الدول المستورد شحنات ضخمة وأعادت جدول شحنات أخرى مثل الهند والصين.

– كيف ترون تأثير استمرار انخفاض أسعار النفط على مستقبل انتاج النفط الصخري الأمريكي؟
تضرر النفط الصخري الأمريكي بسبب كورونا بالطبع، لكنه لن يختفي رغم ارتفاع تكاليف انتاجه، فهناك أحواض تصل تكلفة الانتاج فيها إلى مستوى منخفض ما يشجع عمليات الانتاج، بجانب ذلك تم التوصل إلى تكنولوجيا جديدة لتخفيض تكلفة الانتاج لتكون قادرة على المنافسة، فعلى المدى القصير والمتوسط ستتضرر صناعة النفط الصخري الأمريكي بسبب انخفاض الأسعار كما حدث في عام 2014، والآن في 2020 لأن الانخفاض كان قياسيا.
لكن مع تطور عمليات التطور التكنولوجي تطورت عمليات الحفر لتصل إلى تكلفة منخفضة للانتاج التي تصل حاليا إلى 55 دولارا للبرميل وأكثر، ويتم العمل على خفضها أقل من ذلك المستوى، لذا على المدى البعيد ستربح هذه الصناعة وهذا سيتوقف على عمليات التكور التكنولوجي بشكل عام.

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد