برنامج التحول الوطني 2020 في السعودية يرسم ملامح جديدة للحج والعمرة ويثري تجربة أداء المناسك

مع زيادة أعداد الحجاج عامًا بعد عام، تزداد جودة الخدمات، وتتجاوز التوقُّعات، ومع أن موسم الحج لعام 1441هـ موسم استثنائي، إلا أنه لن يكون أول تحدٍ تتغلب عليه المملكة العربية السعودية في موسم الحج، وبخبراتها المتراكمة وتفانيها في تيسير رحلة الحجاج وبعون من الله أولًا وآخرًا، سيكون حج عام 1441هـ محطة في مسيرة نجاحات المملكة في موسم الحج.

وتعلق الناس الثقة بقرارات حكومة خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- نتيجة ما يرونه من نجاحات متتالية كل عام وحرص وتفانٍ كبير في خدمة حجاج بيت الله الحرام، وما مروا به بأنفسهم من تجارب في رحلاتهم إلى الحج.

وبدافع الاهتمام الذي أولته رؤية المملكة 2030 إلى خدمة ضيوف الرحمن، كان لمبادرات برنامج التحول الوطني 2020 بالتعاون مع الجهات المعنيَّة نصيب من الاستعدادات المسبقة لإنجاح موسم الحج، حيث تراهن المملكة على هذا البرنامج لتأسيس اقتصاد مستدام من خلال النهوض بخدمات واقتصاديات الحج والعمرة، بما يتفق وحجم الطموحات الوطنية، وكذلك رفع كفاءة العمليات التشغيلية وزيادة التنسيق بين الجهات المكونة لمنظومة الحج والعمرة بقطاعيها العام والخاص.

وتعمل وزارة الحج والعمرة السعودية على تعزيز استخدامات التقنية الحديثة في رسم خريطة المستقبل الذي أصبح يدار عن طريق الاقتصاد المعرفي والتقنيات الاليكترونية المتقدمة.

وفي هذا الموسم الاستثنائي فإن الأنظار تتطلع لوزارة الصحة في ظل انتشار جائحة كورونا، حيث كثَّفت الوزارة جهدها منذ ظهور الجائحة في السيطرة عليها والحد من انتشارها، واستمرت جهودها مع اقتراب موسم الحج، إذ وضعت خطة للاستعداد لموسم حج 1441هـ الاستثنائي بإقامة الحج بأعدادٍ محدودة جدًّا، وفحص جميع المشاركين في أداء فريضة الحج لهذا العام، وتوفير الإجراءات الوقائية والاحترازية كافة، والحرص على تحقيق التباعد الجسدي، وإخضاع جميع المشاركين للعزل المنزلي قبل بدء مناسك الحج وبعد الانتهاء منها، بالإضافة إلى توفير الخدمات الصحية اللازمة خلال أيام الحج، واشتراط 20 حاجاً كحد أعلى لكل باص، وتوفير مستشفيات ميدانية وعيادات متنقلة في المشاعر المقدسة وداخل مكة والمدينة، وتوفير أساور كورونا لجميع الحجاج لرصد العزل المنزلي قبل الحج وبعد الانتهاء منه، وتقديم خدمات الدعم والاستشارة من 937 بـ13 لغة، وتجهيز 140 متطوعاً صحِّياً استعداداً لتوزيعهم على النقاط الرئيسة في الحج.

وتفخر وزارة الصحة بخبراتها المتراكمة لحماية الحجاج من الأوبئة والأمراض، إذ إن نجاح المملكة في استضافة ملايين من الحجاج سنويًا من أماكن مختلفة وبيئات متعددة، ومن مختلف الأعمار والجنسيات، أكبر دليل على الرعاية الصحيَّة المميزة التي توفرها المملكة لحجاج بيت الله الحرام، ففي موسم حج 1440هـ الذي حظي بإعجاب منظمة الصحة العالمية وإشادتها بالجهود المبذولة، استفاد 1.690.000 حاج من الخدمات الإسعافية والوقائية، وتنوعت الخدمات المقدمة بين 36 عملية قلب مفتوح، وأكثر من 750 قسطرة قلبية، و3328جلسة غسيل كلوي، و151 عملية مناظير، بينما استفاد 6034 من الخدمات العلاجية للمستشفيات والتي وفرت 5000 سرير للمستفيدين، وسُجلت 12 حالة ولادة، وقُدِّمت الخدمات كافة بالمجان.

وفي الجانب الوقائي لعام 1440هـ حرصت وزارة الصحة على إصدار الاشتراطات، والتوصيات الصحية للحج، ونشرها عبر سفارات خادم الحرمين الشريفين. كما استفاد أكثر من مليون وستمائة وتسعين ألف حاج من الخدمات الوقائية والإسعافية بالمنافذ الصحية التي جهَّزتها الوزارة لموسم حج 1440هـ، وشاركت وزارة الصحة، بالتعاون مع عدد من الجهات الحكومية، في مبادرة (طريق مكة) التي نُفِّذت من خلالها الإجراءات الوقائية في بلد الحاج قبل قدومه إلى المملكة.

جدير بالذكر أن وزارة الصحة كانت قد أطلقت تقنية (الروبوت) للاستشارات الطبية، وأتاحت هذه التقنية للمستشفيات في مشعر منى، الوصول إلى الاستشاريين في تخصصات دقيقة عن بُعد، كما وفَّرت الوزارة أجهزة الترجمة الآلية إلى 12 لغة بالمستشفيات، ومراكز الرعاية الصحية الأولية، بالإضافة إلى الترجمة المباشرة بوساطة مركز خدمة (937) لـ8 لغات. كما طبقت وزارة الصحة نظام الملف الطبي الإلكتروني في 55 مركزًا للرعاية الصحية الأولية، بالإضافة إلى جميع مستشفيات المشاعر المقدسة، وتوفير برامج الصحة الإلكترونية لتقديم الاستشارات الطبية.

وعلى صعيد المشاركة المجتمعية وفرت المشاركة المجتمعية 73 جهازاً للترجمة الآلية، و100 جهاز قياس سكر وجهاز قياس ضغط، وتوفير 819 كرسيًّا متحركًا، بالإضافة إلى تقديم 4000 إحرامٍ و42 ألف مظلَّة لتفوق القيمة الاقتصاديَّة المقدرة لجميع هذه الإسهامات أكثر من مليون ونصف ريالٍ سعوديّ.

وردًّا على هذه الجهود الجبارة المبذولة لخدمة حجاج بيت الله الحرام، هنَّأت منظمة الصحة العالمية المملكة العربية السعودية على استضافتها الناجحة لشعائر الحج لعام 1440هـ من دون الإبلاغ عن أي أمراض وبائية أو أحداث متعلِّقة بالصحة العامة بين الحجيج‎، وأعربت عن تقديرها العميق لجميع العاملين والمتطوعين في مجال الرعاية الصحية على تفانيهم الكبير وللجهود التي بذلوها في تقديم خدمات الرعاية الصحيَّة لخدمة الحجاج ووقايتهم عبر السنين.

كما أشادت منظمة الصحة العالمية بفعالية التدابير الصحيَّة العامَّة التي تضعها وزارة الصحة في المملكة العربية السعودية لضمان تحقيق حجٍ آمن، مثل: الترصُّد الفعَّال للكشف المبكر عن أي فاشية للأمراض المعدية بين الحجاج والاستجابة لها، ومكافحة العدوى والوقاية منها، والتلقيح، والتوعية بالمخاطر والاستجابة لها في الوقت المناسب، وفقًا لمتطلبات اللوائح الصحية الدولية (2005). وقد أثبتت هذه التدابير فعاليتها في ضمان حج عام ـ1440ه بدون أي تقارير عن فاشيات مرضية أو أي مشاكل صحية عامة أخرى.

ولجهود قطاع الاتصالات في موسم الحج نصيب من النجاح، ضمن مبادرات برنامج التحول الوطني، حيث انتهت وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات بالتعاون مع مزودي الخدمة من تنفيذ نظام التغطية الداخلية لشبكة الهاتف الجوال وتشغيله، وذلك بمبنى الشامية في توسعة الدولة السعودية الثالثة في القبو والدور الأرضي والأول والثاني، كما أتمَّت تركيب معدَّات المشغلين الثلاثة وربطها وتشغيلها مع النظام ودخول النظام لمرحلة التشغيل رسميًّا لخدمة حجاج بيت الله الحرام. ويستهدف النظام مستقبلًا تغطية أجزاء الحرم المكي الداخلية كافةً بأحدث التقنيات الحديثة وبمشاركة القطاع الخاص، مما سيسهم في توفير عوائد سنوية للدولة.

وتأتي هذه الجهود استكمالًا لمسيرة الوزارة في إنجاح موسم الحج وتسهيله، ففي عام 1440هـ، بلغ إجمالي المكالمات المحلية والدولية 364 مليون مكالمة، فيما تجاوز حجم استهلاك البيانات خلال كامل الموسم 38.9 ألف تيرابايت بزيادة قدرها 27 % عن الفترة المماثلة في عام 1439ه، كما بلغت سرعة التنزيل للإنترنت المتنقل في مكة المكرمة 44 ميجابت/ثانية، بزيادة تقدر بـ 67% مقارنةً بعام 1439ه. وبلغت سرعة التنزيل للإنترنت المتنقل في المدينة المنورة 48.14 ميجابت/ثانية، بنسبة زيادة تصل إلى 54% مقارنةً بعام 1439ه. وذلك نتيجة لتوفر البنية التحتية المتطورة لشبكات الاتصالات وزيادة سعتها، بالإضافة إلى زيادة في مجموع النطاقات التردديَّة المخصَّصة لتقديم خدمات الاتصالات بنسبة 140%. كما وفرت الوزارة خدمة الجيل الخامس في مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، لتقديم خدمات نوعية لحجاج بيت الله في موسم الحج، منها: تطبيقات أوليَّة مدعومة بشبكة الجيل الخامس، اشتملت على تجربة الطائرات بدون طيار (الدرونز)، وربط سيارات الإسعاف بالمراكز الصحية، وإثراء تجارب الواقع الافتراضي، إلى جانب استخدام تقنية الهولوغرام في الوعظ والإرشاد، وإضافة إلى ذلك استحدثت الوزارة 37 محطة تعمل بتقنية الجيل الخامس موزعةً على المشاعر المقدسة، أسهمت في تحقيق أعلى درجات التغطية والسرعة الفائقة، متيحةً للحجاج الحصول على خدمات الاتصالات والإنترنت المبتكرة والنوعية.

كما عملت هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات بالتعاون مع شركات الاتصالات على تقديم خدمات الإنترنت اللاسلكية عن طريق تقنية الواي فاي إذ تجاوز عدد نقاط الوصول هذا العام (5,442) نقطة وصول في كلتا المدينتين المقدستين والمشاعر.

ومما يذكر، أن البنية التحتية للاتصالات وتقنية المعلومات في مكة المكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة تعد من أضخم البنى التحتية على مستوى العالم وأكثرها تقدمًا، وتشمل المقاسم والكبائن والأبراج والمحطات اللاسلكية من الجيل الثاني والثالث والرابع والخامس لخدمة الملايين من الحجاج.

وسعيًا لخدمة ضيوف بيت الله الحرام بخدمات مبتكرة، أطلقت وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات في موسم حج 1439ه مبادرة “حج ذكي” بهدف استغلال أفضل الوسائل التقنية التي من شأنها أن تيسِّر لضيوف بيت الله تأدية مناسكهم، وضمت المبادرة خدمات رقمية وقائمةً بأبرز التطبيقات التفاعلية التي تشمل: تحديد المناسك مباشرة، ومساعدة الحاج على الاستفادة من التقنية في معرفة خطوات انتقاله بين المشاعر، بالإضافة إلى إرشادات وأدلَّة تقنية، وتطبيقات صحية، وتطبيقات حكومية تفيد الحجاج والمعتمرين في مكة المكرمة والمدينة المنورة. كل هذه الخدمات وأكثر أثبتت استعداد قطاع الاتصالات وقيامه بدون في خدمة حجاج بيت الله الحرام المتمثِّل في تهيئة البنية التحتية على النحو الأمثل.

وفي جانب إمدادات المياه في موسم الحج، نفذت وزارة البيئة والمياه والزراعة، ضمن برنامج التحول الوطني، عدة مشاريع بمنطقة المدينة المنورة لخدمة موسم الحج بغرض تأمين إمدادات المياه وزيادة معدلات ضخ المياه، شملت “مشروع تنفيذ خطوط المياه غرب المدينة المنورة”، ويتضمن تنفيذ خطوط رئيسية للمياه لخدمة مناطق غرب المدينة المنورة وجنوبها، ومن ضمنها خدمة محطة استقبال الحجاج وتفويجهم بطريق الهجرة، و”بدء مشروع تنفيذ الخطوط الرئيسية للمياه، بغرض تحسين آليات وتوزيع واستيعاب المرحلة الثالثة من المياه المحلاة لخدمة جميع أحياء المدينة المنورة ومن ضمنها المنطقة المركزية والأحياء المحيطة بها”، كذلك “مشروع تنفيذ الخطوط الفرعية للمياه”، الذي نُفِّذ لتحسين آليات وتوزيع واستيعاب المرحلة الثالثة من المياه المحلاة لخدمة جميع أحياء المدينة المنورة ومن ضمنها المنطقة المركزية والاحياء المحيطة بها، أيضًا “مشروع تنفيذ شبكات الصرف الصحي بالأحياء المتضررة بالمدينة المنورة”، الذي يتضمن تنفيذ شبكات الصرف الصحي القريبة من المنطقة المركزية والقريبة من مسجد الميقات والتي تعاني اضرار بيئة نتيجة تسربات مياه البيارات وسوف يساهم المشروع برفع مستوى الاصحاح البيئي وإنهاء مشاكل تسرب البيارات بتلك الأحياء.

وفي جانب المحتوى الرقمي الداعم للارتقاء بخدمة الحجاج، شاركت شركة المياه الوطنية، ضمن مبادرات برنامج التحول الوطني، من خلال إطلاق مبادرة المحتوى الرقمي التي تهدف لتحسين خدمات العملاء، وتضمنت المبادرة عددًا من المشاريع التي أسهمت في إنجاح موسم الحج لعام 1441ه، والتي ستسهم بإذن الله في نجاح موسم الحج لهذا العام، ومنها: “مشروع ترقية نظام التحكم (سكادا)” الذي يقوم بالتحكم الآلي بجمع البيانات من المواقع وإظهارها على شكل رسومات توضيحية تبين للمشغلين الوضع التشغيلي الفعلي للمواقع، مثل إظهار البيانات ارتفاع منسوب المياه في الخزانات وكميتها، وقراءات التدفق والضغوط بالأنابيب، كما تشترك هذه البيانات من نظام التحكم الآلي مع أنظمة أخرى بالشركة مثل نظام المعلومات الجغرافية ونظام إدارة المياه.

كما يقوم نظام التحكم الآلي بعرض التقارير والرسومات التوضيحية التي تهم المشغلين والإداريين بالشركة، وتقوم شركة المياه الوطنية بتحديث نظام التحكم الآلي لآخر إصدار وذلك للاستفادة التامة من مميزات النظام المحدث، وتطبيق المعايير العالمية في نظام التحكم الآلي من ناحية الرسومات التي يظهرها النظام، واستحداث نظام لمراقبة وعمل تقارير لجميع الإنذارات التي يصدرها نظام التحكم الآلي للوصول إلى أفضل وضع لتشغيل المواقع تشغيلًا فعالًا، كما تقوم شركة المياه الوطنية بعمل دراسات للقراءات المخزنة بقاعدة البيانات لكي تكون القراءات صحيحة ومفيدة لاستخراج التقارير بشكل دقيق جدا. واستعدادًا لموسم الحج 1441هـ، تم تحديث نظام التحكم الآلي بغرفة التحكم الرئيسية بمكة المكرمة وغرفة التحكم بمني (المشاعر)، وربط القراءات المهمة للحرم النبوي من نظام التحكم الآلي الذي يتم تحديثه أيضًا بالمدينة المنورة مع غرفة التحكم الرئيسة بمكة المكرمة لاستخراج التقارير التشغيلية لموسم الحج الحالي والمواسم القادمة، بالإضافة إلى توحيد جميع أنظمة التحكم الآلي بجميع المواقع لتسهيل وتسريع أعمال الصيانة والتشغيل بما يضمن تقليل زمن توقف الأنظمة للإصلاح إذا تعطل نظام التحكم الآلي بالمواقع.

وفي لفتة مهمة، شارك البرنامج الوطني لترشيد استهلاك المياه (قطرة) التابع لشركة المياه الوطنية، بتركيب 10 آلاف أداة مرشدة بالمشاعر المقدسة للمساهمة في ترشيد استهلاك المياه والمحافظة على الثروة المائية.

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد