كاتب لبناني لـ”استثمارات”.. المحكمة الدولية لم تتوصل لجديد بشأن اغتيال رفيق الحريري وكلفتنا 700 مليون دولار

قال الكاتب اللبناني والمستشار في العلاقات الدولية “علي يحيى”، إن المحكمة الدولية بشأن لبنان وصلت إلى نفس النتيجة التي وصلت إليها بيروت منذ سنوات بشأن اغتيال رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري ولم تقدم جديدا.

وأشار على يحيي في حوار خاص لـ”استثمارات” إلى أن صدور قرار المحكمة الدولية سيساهم في تهدئة الأجواء السياسية، ما قد يدفع باتجاه تشكيل حكومة وحدة وطنية تكون أولويتها الإصلاح، كشرط لتدفق المساعدات الدولية، وإلى نص الحوار:

* كيف ترون حكم المحكمة الدولية بشأن قضية رفيق الحريري رئيس الوزراء الراحل؟

بعد صدور الحكم، يمكن القول إن لبنان تجاوز صدمة النتيجة، وتبعاتها السياسية، وارتداداتها الاجتماعية، فأصحاب الدم وأهل الشهيد، والذين كانوا على اضطلاع على مسار التحقيقات، دعوا وعملوا على التهدئة، وكان خطاب رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، هادئا ومسؤولا ومتزنا، كذلك كان الهدوء هو الطابع العام لشوارع بيروت سواء تلك الموالية لتيار المستقبل (كالطريق الجديدة)، أو لحزب الله (كالضاحية الجنوبية).
لكن لو قسمنا ردود الأفعال بين الأطراف السياسية، لوجدنا “خيبة أمل” لدى بعض القيادات السياسية في “قوى ١٤ آذار”، من غير تيار المستقبل، بسبب اعتقاد المحكمة بعدم وجود دليل علم أو تورط حزب الله كتنظيم (رغم اتهام أحد عناصره بدليل داتا الاتصالات) وسوريا كدولة، وهو ما عاكس بمفعول رجعي مسار أحداث ما بعد الاغتيال وصولا إلى خروج الجيش السوري من لبنان، في حين كانت أطراف ٨ آذار أكثر ارتياحا للقرار لكونها اعتبرت أنه دليل على كون الاتهامات التي سيقت ضدهم وصولا إلى توقيف وسجن الضباط الأربعة، كان محاكمات سياسية.
والملفت أن نتيجة التحقيق التي بنيت على بيانات الاتصالات لحركة الأشخاص المتهمين، جاءت بنفس نتيجة تحقيقات لتحقيق مخابرات الجيش اللبناني وفرع المعلومات، قبل سنوات، ناهيكم عن تأكيدها فرضية الهجوم الانتحاري (واسقاط فرضية مجموعة الـ١٣ واعترافات نسبها التحقيق اللبناني لأحد عناصر تنظيم القاعدة في بلاد الشام باعترافه بالعملية) ما عده البعض إهدارا لـ١١ سنة من الاستنزاف المعنوي والنفسي والاجتماعي، و٧٠٠ مليون دولار، نصفها من أموال دافعي الضرائب اللبنانيين، لإعادة نفس النتيجة لكن بعنوان دولي.

*هل سيؤثر ذلك الحكم على طبيعة الأوضاع في لبنان الفترة المقبلة؟

صدور قرار المحكمة، سيساهم في تهدئة الأجواء السياسية، معطوفا على إرادة دولية (فرنسا إيمانويل ماكرون وخلفها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بمبعوثها ديفيد هيل)، وإقليمية (مصر العائدة بقوة، إضافة إلى إيران، وبانتظار موافقة المملكة العربية السعودية)، تدفع باتجاه حكومة وحدة وطنية (تكنو-سياسية)، تكون أولويتها الإصلاح، كشرط لتدفق المساعدات الاستراتيجية (١١ مليار أموال مؤتمر سيدر، مساعدات البنك الدولي وصندوق النقد)، بعد إطلاق المساعدات التكتيكية من بوابة مؤتمر باريس الذي دعا اليه الرئيس الفرنسي بعد انفجار بيروت وبلغت ٢٩٨ مليون دولار، وذلك لانتشال لبنان من ثلاثية الانهيار الاقتصادي، خسائر تفجير بيروت المهولة، وتبعات فيروس كورونا الذي بدأ تتسارع وتيرته التصاعدية في لبنان من جديد.

* هل من المتوقع أن يقبل حزب الله بنتيجة الحكم ويسلم العنصر الذي تم توجيه الاتهام إليه؟

رغم دعوة سعد الحريري، كولي للدم، لحزب الله التنازل وتسليم المتهم، إلا أن الحزب وكما أعلن أمينه العام حسن نصر الله، اعتبر أنهم غير معنيين بالمحكمة ونتائجها، بسبب ما اعتبرها أداة استهداف سياسي بسبب دورهم الإقليمي، وبالتالي لا أتوقع تسليم المتهم سليم عياش عضو حزب الله، الذي من المتوقع أن يستأنف محاميه الحكم، ناهيك عن إمكانية نقض الادعاء للحكم، وبالتالي فمسار المحكمة لن ينتهي بعد، إذ يمكن لها أيضا أن تضم قضايا أخرى مرتبطة بالأولى (محاولات اغتيال طالت الوزيرين السابقين الياس المر ومروان حمادة، إضافة للشهيد جورج حاوي).

* برأيك هل أثر تفجير انفجار بيروت على مسار القضية؟

بالنسبة لتفجير بيروت، فقد اقتصر تأثيره على مسار المحكمة بتأجيلها إصدار الحكم من ٧ أغسطس إلى ١٨ من الشهر ذاته، ناهيكم عن أن مسار التحقيق ومنذ تسريب جزء منه لمجلة دير شبيغل الألمانية قبل سنوات، معروف.

* أشارت توقعات أن هذا الحكم قد يؤثر على تركيبة المشهد السياسي في الفترة المقبلة.. كيف ترون هذا الأمر؟

لو كان قرار المحكمة جازما وواضحا باتجاه حزب الله كتنظيم وقيادة، ومن خلفه دمشق، لكان من الممكن أن يترك تداعيات سياسية انفجارية، حتى على كيفية تعاطي الافرقاء السياسيين مع بعضهم بعضا، وانسحاب ذلك على الشراكة السياسية في الحكم، لكن، ورغم اتهام عنصر من الحزب، وإبقاء دوافع الجرم مجهولة (إضافة لتجهيل المخطط، والمنفذين الثمانية المفترضين، ومشتري ومفخخي السيارة، والانتحاري نفسه، وغيرها من المعلومات) سيعمل على تدوير الزوايا، وتقديم التنازلات المتبادلة خلال المرحلة المقبلة، والصعبة جدا، والتي قد ترتقي إلى مشكلة كيانية تتجاوز النظام برمته، إن فشلت الطبقة السياسية، والطبقة الحاكمة المتداخلة معها، لقيادة مرحلة انتشال لبنان نحو بر الأمان، وهذا يتطلب القطع مع آليات وطرق إدارة الأمور خلال العقود الثلاث الأخيرة.

* كيف تلقى الشارع اللبناني حكم المحكمة اليوم؟

أكثر ما لفت من خلال ما تداوله الشارع اللبناني، أن المحكمة الدولية، وبعد ١١ سنة من عملها، توصلت إلى نتيجة كان قد توصل إليها زياد الرحباني في كلمات أغنيه التي غنتها والدته فيروز أيضا : “تلفن عياش لما توقعنا و ناطرينه.. تلفن عياش تلفن يعني الله يعينه.. تلفن عياش تلفن، تلفن عياش تلفن” وذلك في إشارة إلى اسم المتهم سليم عياش، والذي بني اتهامه على داتا الاتصالات وحركة الهاتف التي نسب إليه.

 

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد