ثبات البنك المركزى المصرى أمام ضغوط المطالبات بخفض الفائدة على الودائع المحلية يؤتى بثمارة
أشارت دراسة بحثية حديثة في القطاع المصرفي المصري عن تطور نشاط الودائع الربع سنوى بالجهاز المصرفى المصرى والتي أكدت ارتفاع معدل نمو الودائع بالعملة المحلية (بدون الودائع الحكومية ) خلال الربع الثانى من العام الميلادى 2024 والمنتهى بنهاية يونيو 2024… حيث بلغ معدل النمو 9,8% مقابل 5,8% خلال الفترة المقابلة من العام الماضى
كماأوضحت الدراسة أن الربع الثالث والمنتهى بنهاية سبتمبر2024 شهد ارتفاعا ايضا فقد بلغ معدل النمو 15,9% مقابل 10,6% خلال الفترة المقابلة
وأشارت الدراسة إلي معدلات النمو الربع سنوية للودائع بالعملة المحلية كانت تشهد انخفاض متتالى فمعدل نمو الودائع بالعملة المحلية بلغ فى مارس 2024 ما نسبتة 3,2% مقابل 3,7% فى مارس 2023 ومقابل 6,4% فى مارس 2022 كما بلغ 15,7% فى ديسمبر 2023 مقابل 21,2% خلال الفترة المقابلة و 10,6% نهاية سبتمبر 2023 مقابل 17,6% نهاية سبتمبر 2022 و 5,8% نهاية يونيو 2023 مقابل 11,7% خلال الفترة المقابلة كما بلغ معدل النمو 3,7% نهاية مارس 2023 مقابل 6,4% نهاية مارس 2022 أى أن الانخفاض مستمر منذ نهاية العام قبل الماضى
وأشارت الدراسة إلي أن الأرقام نهاية العامين الماضيين كانت تشير لأسباب انخفاض نمو الودائع المحلية للعوامل الأتية .
أسعار الذهب حققت إرتفاعاً كبيراً خلال عام 2022 تجاوز 114,0% كما استمر الارتفاع خلال عام 2023 ليتجاوز 73,5% وهو ما دفع الكثير من أصحاب الفوائض المالية للإستثمار بالذهب وضعا فى الاعتبار: بلغت نسبة زيادة أسعار الذهب نهاية فبرايرالماضى عن نهاية العام الماضى 18,6% . ثم انخفضت نسبة الزيادة فى نهاية شهر مارس الى 2,2% وذلك لقيام البنك المركزى يوم 6 مارس بالارتفاع بالسعر الرسمى للدولار من 30,90 جم الى 49,50 جم وبعدها اختفت السوق الموازية وهو ما أدى لهذا الانخفاض ثم زادت نسبة الزيادة بنهاية ابريل الماضى الى 7,0% طبقا لأحدث تقارير للبنك المركزى .
وأظهرت الدراسة أن إتجاة أصحاب الفوائض المالية بدؤا إستخدام الدولار كمخزن للقيمة بعد قيام البنك المركزى المصرى باجراء عمليتى خفض فى قيمة الجنية خلال عام 2022 وتحديدا شهرى مارس وابريل وزاد سعر صرف الدولار أمام الجنية عن 57%
وأشارت الدراسة إلي أن أسعار الدولار الرسمية قد زادت خلال عام 2023 وكذا اليورو والاسترلينى وهو ما أستمرت معه استثمارات أصحاب الفوائض المالية فى الدولار وقد شهد أواخرعام 2023 وبدايات هذا العام ظاهرة لم تحدث من قبل تمثلت فى اتجاة كافة وسائل الاعلام المصرية للاعلان عن أسعار الدولار والعملات الأخرى الرئيسية بالسوق السوداء وخلال بدايات العام الحالى وصل سعر الدولار بالسوق السوداء الى 70 جم كما شهدت أسعار الدولارالرسمية زيادة تجاوزت 50% بداية من يوم 6 مارس ومع هذة الزيادة الرسمية توقفت وسائل الاعلام تماما عن الحديث عن السوق السوداء للعملات الأجنبية.
ولفتت الدراسة أن هذة الأسباب مازالت قائمة فمازال أغلب أصحاب الفوائض المالية يتجهون للاستثمار فى الذهب ومازال البعض يحتفظ بالعملات الأجنبية وبصفة خاصة الدولار كما أن الحرب الدائرة فى السودان والتى شهدت هجرة الالاف من السودان الى مصر قد ارتفعت معها أسعار ايجار العقارات فأدت لزيادة أسعارة وبشكل كبير .
المرحلة الأصعب للمركزي المصري
وقالت الدراسة أن البنك المركزى عند قيامة باتخاذ قرارات تحديد أسعار الفائدة كان يضع فى اعتبارة استثمارات اصحاب الفوائض المالية فى الذهب وفى العملات الأجنبية وفى السلع الرأسمالية والعقارات وكذا استثمارات الأجانب فى اذون الخزانة بالعملة المحلية خلال كل اجتماع للجنة السياسات النقدية ورغم الضغوط الكبيرة التى كان يقوم بها بعض رجال الاعمال من خلال وسائل الاعلام وخصوصا عند الاعلان عن أى انخفاض ولو طفيف جدا بمعدلات التضخم المحلية رغم أن ما ذكرناة من عوامل أخرى يجب الا يتم اغفالها لانها أكثر أهمية من التضخم فى ظل الظروف التى يواجهها الاقتصاد والبنوك المصرية وأى قرار خاطىء بشأن تحديد أسعار العائد كان سيعود بنتائج وخيمة على الجهاز المصرفى المصرى .
تأثير إنخفاض نمو الودائع المحلية
وأشارت الدراسة المصرفية إلي العلاقة الطردية بين إنخفاض معدل نمو الأصول بالعملة المحلية و معدل نمو الودائع و بين معدل نمو إجمالى الأصول وكذا إجمالى الإستثمارات فإن تحقيق معدلات نمو منخفضة للودائع لا تتيح للبنوك تحقيق معدلات نمو متعاظمة بإجمالى اصولها وكذا إستثماراتها وهو ما يؤثر وبالتبعية سلباً على صافى أرباحها ويؤثر أيضاً على الضرائب المحصلة على هذه الأرباح وهو ماسيؤثر سلباً على عجز الموازنه
ونوهت الدراسة إلي إستمرار إنخفاض معدلات نمو الودائع ومع إعتماد وزارة المالية على البنوك فى تغطية عجز الموازنه عن طريق إستثماراتها فى الأذون والسندات الحكوميه فستجد البنوك صعوبه فى تغطية العجز فى ظل إرتفاع معدل نمو العجز وإنخفاض معدلات نمو الودائع وهو ما ستتزايد معه أسعار العائد على أدوات الدين وستتزايد معه وبالتبعيه عبء خدمة الدين بما يؤثر سلباً على عجز الموازنة .
إنخفاض نمو الودائع مع ضرورة إستمرار البنوك فى تمويل عجز الموازنة ومع ظروف السوق والإرتفاع بعائد الائتمان والخصم سينخفض معدل نمو منح الائتمان وهو ما يعنى زيادة حالة الإنكماش وسيتأثر معدل النمو الإقتصادى سلباً .
وأشارت الدراسة إلي إنخفاض معدلات نمو الودائع وزيادة المصدر من إذون الخزانة والتي كان لها أثر على السيولة المتاحة ( وبخاصة الكاش ) بالبنوك وهو ما دفع البنك المركزى لطباعة نقد خلال عام 2022 قدرة 137,7 مليار.جم ثم طباعة نقد خلال عام 2023 قدرة 259,6 مليار.جم ليكون بذلك اجمالى النقد المطبوع بالزيادة خلال عامى 2022 و2023 ماقدرة 397,3 مليار.جم .
انخفاض نمو الودائع المتوقع لو قابلة ارتفاع فى نسبة الديون المشكوك فى تحصيلها والرديئة قد تحدث فجوة بين الأصول والخصوم سيترتب عليها نتائج وخيمة .
وأشارت الدراسة إلي الاستثمارات الأجنبية بصفة عامة وقصيرة الأجل منها بصفة خاصة شديدة الحساسية لأي متغيرات خارجية أو داخلية قد تطرأ على الساحتين العالمية والمحلية وسريعة رد الفعل بالانسحاب من داخل البلاد لخارجها وهو ما يؤدي لضغط كبير على سعر صرف الجنيه وكذا على الاحتياطيات الدولية للبلاد وعلى ميزان المدفوعات وهو ما حدث بالفعل عدة مرات وبعد أحداث محلية وعالمية متعددة وتخارج الأجانب من استثماراتهم باذون الخزانة المحلية وكذا زيادة حجم العجز بالموازنة للمشروعات الكبيرة والكثيرة التى تقوم بها الدولة يتطلب أن تتوافر سيولة لدى البنوك لتغطية العجز وفى النهاية قدرات البنوك محدودة بحجم الودائع وقد تحملت بنوك القطاع العام جزء كبير من الرصيد القائم لاذون الخزانة فبلغت استثمارات هذة البنوك خلال يونيو 2022 ما قدرة 340,1 مليار.جم مقابل 193,0 مليار.جم فقط قبل الازمة الروسية الاوكرانية أى فى يناير 2022 كما أن القروض الحكومية والتى ارتفعت بشكل غير مسبوق تتحملها بنوك القطاع العام أيضا كان قد سبق لبنوك القطاع العام وان تحملت عبء انسحاب الاجانب خلال جائحة كورونا ففى أغسطس 2020 بلغت ارصدة اذون الخزانة بهذة البنوك 527,3 مليار.جم أى ما يزيد عن نصف تريليون جنية وهو أكبر مبلغ تم استثمارة من قبل هذة البنوك باذون الخزانة على الاطلاق .
ونوهت الدراسة إلي ارتفاع غير مسبوق بالمخاطر الخاصة بودائع العملاء بهذة البنوك وهو أمر لو تنبهت لة شركات تقييم المخاطر العالمية لبدأت فى تخفيض التصنيف الائتمانى لهذة البنوك.
الانخفاض المتتالى لمعدل نمو الودائع قد يؤدى لتخارج بنوك عربية وأجنبية من الجهاز المصرفى المصرى فالمعروف أن بنوك القطاع العام الثلاثة (مصر والأهلى والقاهرة) علاوة على أكبر ثلاثة بنوك قطاع خاص ( CIB و QNB والعربى الأفريقى ) أى ستة بنوك تبلغ حصصهم السوقية من ودائع العملاء 81,8% بينما تتنافس الـ 30 بنكا الباقية على نسبة 18,2% من الودائع وأى انخفاض بمعدل نمو الودائع وبشكل متتالى يعنى فقدان البنوك لأجزاء من حصصها السوقية وخصوصا بنشاط الودائع وهو ما يعنى احتمالات كبيرة لتخارج البنوك الصغيرة من الجهاز المصرفى المصرى وهو ماسيؤثر على سمعة البنوك المصرية وكان قطاع البنوك هو أكثر القطاعات استقرارا بدءا من الأزمة المالية العالمية 2009 وحتى الآن
.
المركزي المصري يؤكد صلابة القطاع المصرفي
استطاع البنك المركزى المصرى ومن خلال قرارات تحديدة لأسعار الفائدة على الودائع أن يتجنب عواقب وخيمة لو استجاب للضغوط المطالبة بتخفيض أسعار الفائدة والتى كانت تقوم على رؤية ضيقة لم تنظر للظروف المحلية الجارية ولم تأخذ فى اعتبارها مخاطر انخفاض معدلات نمو الودائع واحتمالات تحولها لمعدلات نمو سلبية سيكون المتضرر الأكبر من تأثيراتها المطالبين بالتخفيض أنفسهم .
التعليقات مغلقة.