ماذا بعد افتتاح المتحف الكبير ،، هل تتحول مصر لأيقونة السياحة العالمية ؟

أجرته\ رباب سعيد مراسلة مجلة استثمارات الإماراتية شؤون مصر وشمال إفريقيا

 

تشهد إفريقيا  حراكًا ثقافيًا غير مسبوق، تقوده مصر بافتتاح المتحف المصري الكبير  أعجوبة مصر للعالم   2025 في الثالث من يوليو المقبل والذي يشكل نقطة تحول لحضارة واحدة إحدي العجائب  المعمارية في العصر الحديث والتي  تعكس التزام مصر بدورها الريادي في حفظ وعرض تاريخها الممتد عبر آلاف السنين.

يقع المتحف عند سفح أهرامات الجيزة، ويمتد على مساحة 500,000 ألف متر مربع وعلى بُعْد 2 كيلومتر فقط من أهرامات الجيزة ، ويضم أكثر من 150 ألف قطعة أثرية، من أبرزها المجموعة الكاملة للملك توت عنخ آمون، التي تُعرض لأول مرة منذ اكتشاف مقبرته.

وقد أوضحت  دراسة  كاملة لعدد من الخبراء والمتخصصين في مجال  السياحة والاثار  تشير إلى أن المتحف المصري الكبير  يُعد من أضخم المشاريع الثقافية في القرن الحادي والعشرين، التي  تعكس اهتمام الدولة المصرية بهويتها وتاريخها و تطوير مزاراتها السياحية في منظومة متكاملة من الخدمات الثقافية والتعليمية والترفيهية برؤية جديدة تنطلق من الأرض التي صنعت التاريخ

وبحسب تقديرات خبراء السياحة و الأثار ل “مجلة الاستثمارات الإماراتية ”  أن المتحف المصري الكبير قد يجذب  أكثر من 5 ملايين زائر سنوياً، وهو رقم يمكن ترجمته إلى دخل بمليارات الدولارات، إضافة إلى توفير آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة في مجالات السياحة والخدمات المرتبطة بها

 

 

عالم الأثار المصري الدكتور\ زاهي حواس

 

المتحف المصري الكبير.. معجزة ثقافية

 

وصف \عالم الأثار المصري الدكتور زاهي حواس في حديثه  ” لمجلة استثمارات الإماراتية “  أن هذا الصرح العملاق هدية مصر للعالم، وفرصة للوصول إلى أعلى معدلات سياحية  تشغيله فقد يمثل حدثا فريدا من نوعه

و إن المتحف المقام على مساحة 117 فدانا يضم أجزاء لعرض القطع الأثرية وأجزاء للمنطقة التجارية لتقديم خدمة سياحية متكاملة على أعلى مستوى تليق بهذا الصرح الثقافي

وأكد\  أنه سيتم عرض كنوز الملك توت عنخ أمون كاملة لأول مرة بالمتحف المصري الكبير، الذي خصص له قاعتين من أفضل قاعات العرض خاصة بالقطع الأثرية الخاصة به وأكثر من 5 آلاف و368 قطعة أهمها القناع وكرسي العرش وبعض المجهورات والحلي والمنسوجات والملابس لأول مرة، إضافة إلى بعض القطع الأثرية في الحضارة المصرية القديمة التي ستثري العرض المتحفي بهذا الكم الهائل من المعروضات

وأضاف \ عالم الأثار زاهي حواس أنه تم تنفيذ متحف مختص بمراكب الملك خوفو الجنائزية والمقاصير المذهبة، وهو من أفضل المتاحف النوعية المزودة بأفضل وسائل التكنولوجيا الحديثة، ولأول مرة سيتم عرض المركب الأولى والثانية في تجربة فريدة

وعن التحديات أوضح أن عملية نقل بعض الآثار واجهت  صعوبات خاصة أن في بعض الأحيان تجاوزت أوزانها 40 طنا ، وكذلك نقل المقاصير المذهبة لتوت عنخ أمون، مشيرا إلى أنه بجهود مصرية استطعنا نقلها لقاعات العرض بالمتحف، ونقل مركب الملك خوفو كقطعة واحدة

 

الدكتور \مصطفي وزيري الأمين العام للمجلس الأعلي للاثار

 

أبعاد المشروع الحضارية

 

ومن جانبه\ قال الدكتور مصطفي وزيري الأمين العام للمجلس الأعلي للاثارالسابق في حديثه “لمجلة استثمارات الإماراتية ”  أن المتحف المصري الكبيريقدم  لزائريه تجربة مختلفة واستثنائية تعكس عظمة الحضارة المصرية في مبنى عصري، سيكون نموذجًا لامتزاج الأصالة بالحداثة، والتاريخ بالعلم الحديث

وأكد\ أن للمرة الأولى على الإطلاق، سيتم عرض مجموعة الكنوز الكاملة للملك توت، والتي تضم 5400 قطعة، بما في ذلك ثلاثة توابيت وقناع الجنازة الذهبي الشهير، على مساحة تزيد عن 7000 متر مربع، طبقًا لأحدث أساليب العرض المتحفي ووسائل الإضاءة بالمتاحف العالمية.

وأوضح\ أن  المتحف يتفرد  بوجود المسلة المعلقة والتي لا توجد في أي متحف في العالم. ويضم قاعة خاصة لعرض توابيت “خبيئة العساسيف” القادمة من الأقصر التي عثرت عليها البعثة المصرية في أكتوبر 2018 بجبانة العساسيف الأثرية؛ وذلك لإبراز قيمتها الأثرية والتاريخية والفنية.

وهي عبارة عن مجموعة متميزة من 30 تابوتا خشبيا آدميًا ملونًا لرجال وسيدات وأطفال، في حالة جيدة من الحفظ والألوان والنقوش، حيث تم الكشف عنهم بالوضع الذي تركهم عليه المصري القديم، في صورة توابيت مغلقة بداخلها المومياوات، مجمعين في خبيئة في مستويين الواحد فوق الآخر، ضم المستوى الأول 18 تابوتا والمستوى الثاني 12 تابوتا.  هذا إلى جانب عدد هائل من الآثار التي تم نقلها من الاكتشافات الأثرية المتنوعة، وصل عددها في فبراير 2022 إلى أكثر من 56,000 قطعة أثرية إلى المتحف

وأشار\ المصدر ذاته أن المتحف المصري الكبير سوف يجاوره متحف أخر، وهو متحف مراكب الملك خوفو، وسوف يضم مركب الملك خوفو الأول والثاني، ويصل طول مركب الملك خوفو الأولى حوالي 44 متر، وارتفاعه 8 متر وعرضها 6 متر ويزن أكثر من 20 طن، وصنع من خشب الأرز الذي كان يتم استيراده من لبنان، وعثر عليه محفوظًا  في حفرة مغطاة بنحو 41 كتلة من الحجر الجيري، ومفكك إلى نحو 6500 جزء رتبت مع بعضها البعض بعناية ليتيسر تجميعها، ووضعت معها أيضًا المجاديف، والحبال، وجوانب المقاصير، والأساطين

وأفاد\ أنه تم اكتشافه منذ أكثر من 68 عامًا، وهو يعد أكبر أثر عضوي متبقٍ في التاريخ، حيث وجهت القيادة السياسية بنقله إلى المتحف الجديد، وخضعت عملية النقل للدراسة والعمل الدؤوب لأكثر من عام ونصف، وتمت عملية النقل في أغسطس 2021، واستمرت لمدة 8 ساعات

ونوه \أن قدماء المصريين صنعوا هذه المراكب ليستخدمها الملك في رحلتيه اليوميتين مع إله الشمس “رع” في سماء الدنيا نهارًا وسماء العالم الآخر ليلًا، بينما ذهبت آراء أخرى إلى أن المركب قد استخدمت لنقل جثمان الملك من ضفة النيل الشرقية إلى الضفة الغربية حيث دفن

 

مجدي شاكر \  كبير أثاريين وزارة السياحة

 

المتحف المصري الكبير مصدر إلهام للسياحة

 

ومن جانبه \ قال مجدي شاكر كبير أثاريين وزارة السياحة في تصريحاته  ” لمجلة استثمارات الإماراتية” أن  المتحف المصري الكبير سيكون أكبر مجمع متحفي أثري في العالم يروي  قصة الحضارة المصرية القديمة بشكل جديد ومختلف، عبر استخدام أحدث تقنيات العرض التفاعلي، ليكون مقصدًا عالميًا للباحثين والمهتمين بالتاريخ والثقافة

 

أوضح \ كبير الآثاريين  أن المنطقة المحيطة بالمتحف الكبير  تم تطويرها  وتحويلها إلى مركز حضاري وسياحي متكامل حيث تم  تجهيز 29 ألف غرفة فندقية بمناسبة احتفالات الإفتتاح المصري الكبير، والذي سيحضره رؤساء وملوك وشخصيات دولية. ويأتي ذلك ضمن خطة أوسع لإضافة 40 ألف غرفة فندقية جديدة بالتعاون مع مبادرة “البنك المركزي” بقيمة 50 مليار جنيه. كما تعمل وزارة السياحة على تطبيق معايير تصنيف عالمية لتحسين جودة الفنادق في مصر

 

ماذا عن المتحف القديم

 

أكد \المصدر ذاته أن المتحف المصري هو أقدم متحف أثري في الشرق الأوسط، ويضم أكبر مجموعة من الآثار المصرية القديمة في العالم. وتم اختيار المهندس المعماري للمبنى من خلال مسابقة دولية في عام 1895، والتي كانت الأولى من نوعها، وفاز بها المهندس المعماري “الفرنسي مارسيل دورغنون”. وافتتحه الخديوي عباس حلمي الثاني في عام 1902، وأصبح معلمًا تاريخيًا في وسط القاهرة، ومكانًا لأروع قطع الآثار المصرية القديمة.

ويعرض المتحف مجموعة كبيرة تمتد من فترة ما قبل الأسرات إلى العصرين اليوناني والروماني

وعن مصير المتحف القديم، أكد  أن متحف التحرير به حوالي 150 ألف قطعة، وسيظل كما هو بعد افتتاح المتحف المصري الكبير باستثناء نقل 400 قطعة لتوت عنخ آمون و22 مومياء التي تم نقلها إلى متحف الحضارة العام الماضي. فالمتحف المصري بميدان التحرير زاد عمره على مائة عام (افتتح 1902)، وبالتالي أصبحت هناك ضرورة لإنشاء مشروع جديد يحفظ الآثار الدقيقة، مثل مقتنيات الفرعون الذهبي، توت عنخ آمون (1334 إلى 1325 ق.م.)، فغالبيتها عضوية تحتاج رعاية خاصة. ويتم من خلاله عرض نواتج الاكتشافات الأثرية الحديثة

 

أول متحف أخضر

 

أكد\ المصدر ذاته أن  استراتيجية وزارة السياحة والآثار للتنمية المستدامة ورؤية مصر ٢٠٣٠ للتحول نحو مجتمع أكثر استدامة في كافة القطاعات، والحفاظ على التوازن البيئي واستدامة النشاط السياحي والأثري؛ جارٍ الآن القيام بعدد من التعديلات بالتعاون بين إدارة مشروع المتحف المصري الكبير مع المركز القومي لبحوث الإسكان والبناء،

حيث جاري إعتماد المتحف المصري الكبير كمبنى أخضر، من خلال بنيته التي تتميز بالاستدامة الاقتصادية والبيئية والثقافية، ليصبح بذلك أول متحف في مصر يتم اعتماده كمبنى أخضر. من خلال دمج كل أبعاد البناء الأخضر والتنمية المستدامة بمشروع المتحف

 

الخبير الاقتصادي \ أبو بكر الديب مستشار المركز العربي للدراسات

 

صرح حضاري برؤية اقتصادية

 

ومن جانبه \قال الخبير الاقتصادي أبو بكر الديب   مستشار المركز العربي للدراسات في حديثه” لمجلة استثمارات  الإماراتية ” أن المتحف المصري الكبير رمز حضاري واقتصادي للجمهورية الجديدة في مصر…. حيث يجمع بين الماضي المجيد والمستقبل الواعد، فالمشروع يعزز من مكانة مصر كدولة حضارية حديثة تعتني بتراثها، وهو يساعد في رفع التصنيف السياحي والاقتصادي للدولة عالميا، وهو نقلة اقتصادية حقيقية، خاصة فى القطاعات المرتبطة بالسياحة والاستثمار العقارى والبنية التحتية.

وأكد\ أن المشروع من أبرز المشروعات الحضارية التى عملت عليها الحكومة خلال السنوات الأخيرة، ويمثل ركيزة أساسية فى استراتيجية الحكومة لتعزيز الاقتصاد القائم على السياحة والثقافة.

وأشار \ الخبير الاقتصادي أبو بكر  أن   المشروع  يعمل علي تنشيط الاستثمار السياحي من خلال تدشين مشروعات فندقية وتجارية ضخمة، ما يخلق بيئة اقتصادية حيوية حول المنطقة بالكامل، ومن المتوقع أن يجذب  المتحف ما بين 5 إلى 8 مليون زائر سنويا ما يؤدي الي ادخال عملات صعبة للبلاد ما يزيد من الدخل القومي والاحتياطي النقدي الأجنبي بالبنك المركزي، وبالتالي تأمين احتياجات البلاد الاستيرادية، وسداد التزامات مصر الدولية، ودعم الجنيه المصري وتنشيط سوق الإعلانات والتسويق وارتفاع أسعار الأراضي المحيطة وفتح فرص عمل للشباب بشكل مباشر أو غير مباشر في السياحة، والنقل، والخدمات في هذا المشروع الاستثماري السياحي الضخم، مع تحفيز الصناعات المرتبطة بالتراث.

وأفاد \أن المتحف يمثل  مركز أبحاث، يستقبل بعثات علمية دولية، ما يساهم في نشر المعرفة عن مصر القديمة على مستوى عالمي، كما أنه يقدم بيئة حديثة وآمنة لحفظ وعرض الآثار المصرية، بدلا من وجود بعض القطع الأثرية موجودة في ظروف غير مثالية حيث يشمل المشروع معامل ترميم تعد من الأكبر والأحدث في العالم فالمتحف يقع على مساحة حوالي 500 ألف متر مربع، ويضم أكثر من 100 ألف قطعة أثرية، من ضمنها كنوز الملك توت عنخ آمون كاملة لأول مرة، وسيرفع شعور الفخر والانتماء للمواطن المصري الذي ينتمي إلى حضارة عظيمة، فهو نموذج لدمج الثقافة بالتنمية المستدامة، ويقدم خدمات علمية وسياحية وترفيهية وتكنولوجية

 

انتعاش السوق العقاري بالمنطقة المحيطة بالمتحف الكبير 2025

 

وأضاف\  الديب    أن  المنطقة المحيطة بالمتحف يمكن أن تتضمن  مشروعات استثمارية كبناء الفنادق والمطاعم والسلاسل التجارية والكافيهات ووالمولات والأسواق سياحية، فضلا عن تطوير البنية التحتية (طرق، كهرباء، مواصلات)

وتوقع \أن يسهم المتحف الكبير فى جذب 100 مليار دولار استثمارات بعد التحول الكبير فى خريطة الاستثمار بالقاهرة، لتصبح قبلة للاستثمارات المحلية والأجنبية، ما يسهم في زيادة الناتج القومي من الإيرادات السياحية، في ظل الاستراتيجية الوطنية للسياحة الهادفة إلى تحقيق معدل نمو يصل إلى 35% سنويا حيث تهدف استراتيجية الدولة الي الوصول إلى 30 مليون سائح في 2030 من خلال تطبيق معايير التنمية المستدامة.

وأختتم\ المصدر ذاته  قائلا أن  المشروع  يمثل قاطرة اقتصادية تسهم فى جذب استثمارات ضخمة خلال مراحل الإنشاء، وهناك عدد من العلامات الفندقية العالمية بدأت بالفعل فى اتخاذ خطوات عملية لإنشاء فنادق بالقرب من المتحف، مستغلة الموقع الاستراتيجى للمشروع، والقيمة التاريخية والسياحية التى يمنحها، للتأكيد على قدرة مصر التنافسية بين مصاف الدول السياحية

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد