أبوظبي وباريس.. أنموذج للتعاون الثقافي والمعرفي

العلاقات الثقافية بين دولة الإمارات العربية المتحدة والجمهورية الفرنسية تعكس جانباً رئيساً من الروابط المهمة للعلاقات الثنائية التاريخية، التي أرسى قواعدها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه» والرئيس الفرنسي الأسبق جيسكار ديستان، وقد شهدت هذه العلاقات زخماً كبيراً وممتداً عبر السنوات، وعلى سبيل المثال لا الحصر في عام 2006 تم توقيع اتفاقية بين البلدين لإنشاء جامعة السوربون في أبوظبي، وفي 2007 تم توقيع اتفاقية أخرى لإنشاء متحف «اللوفر أبوظبي» الذي افتتح في 2018 ليصبح أول متحف دولي في العالم العربي، وأكبر مشروع ثقافي لفرنسا في الخارج حاملاً رسالة عالمية لتعزيز الحوار بين الحضارات.

كما جرى الإعلان عن عام 2018 ليكون عاماً للتعاون الثقافي الإماراتي الفرنسي في باريس، ليترتب عليه إطلاق إذاعة باللغة الفرنسية في الدولة تبث برامجها ثلاث مرات أسبوعياً، وأصبحت الإمارات عضواً منتسباً في المنظمة الدولية للفرانكوفونية، ومن أوجه التعاون الثقافي بين البلدين كذلك إنشاء التحالف الدولي لحماية التراث في مناطق النزاع عام 2016، حيث ساهمت الدولتان بالتعاون مع «اليونسكو» بمبلغ 45 مليون دولار، كما ساهمت الدولة في 2017 أيضاً بمبلغ 5 ملايين يورو دعماً لمعهد العالم العربي في باريس، وفي العام نفسه تم افتتاح قاعة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، في متحف اللوفر بباريس، وقد ساهمت الإمارات كذلك في ترميم المسرح الإمبراطوري لقصر فونتينبلو بالقرب من باريس بـ 10 ملايين يورو، وأطلق على المسرح اسم المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان «طيب الله ثراه».

وفيما يخص اللغة العربية، شهد عام 2021 توقيع اتفاقية شراكة بين مركز أبوظبي للغة العربية، التابع لدائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، و«معهد العالم العربي» في باريس، الذي يُعد من المنظمات العالمية العريقة الداعمة للثقافة العربية وربطه بالثقافات الأخرى، كما تم توقيع اتفاقية للترويج «للشهادة الدولية للكفاءة في اللغة العربية» عبر مركز أبوظبي للغة العربية لتقييم الكفاءة في اللغة العربية الفصحى الحديثة في الإمارات العربية المتحدة. وفي إطار اتفاقية مركز أبوظبي للغة العربية مع معهد العالم العربي بباريس، يتم التعاون مع «الرابطة الفرنسية» التي تقع تحت إدارتها مراكز تقديم اختبار «سمة» في دولة الإمارات، بهدف الترويج للاختبار، والتنسيق مع جميع المراكز لتقديم تقارير عن عدد المسجلين في الاختبار سنوياً ومستوى كفاءتهم، وتبادل المعلومات حول مؤشرات الأداء الرئيسة.
كما أن المركز والمعهد سيقومان بتنظيم فعاليات مشترَكة بالتزامن مع المناسبات العالمية الداعمة للغة العربية، مثل «اليوم العالمي للغة العربية»، الذي يصادف يوم 18 ديسمبر من كل عام. وستشمل مجالات التعاون بين الطرفين مسألةَ تعميم الخبرات في مجال اللغة العربية على نطاق أوسع، عبر الدعوات المتبادَلة للمشاركة في المؤتمرات والمطبوعات وتنظيم الفعاليات الثقافية، فضلاً عن اتفاق الجانبين على خطة عمل لإصدار التقارير العلمية المتخصصة عن حالة اللغة العربية في مجالات استخدامها في كل من فرنسا وأوروبا.

وفيما يخص اللغة الفرنسية، فبالإضافة إلى الرابطة الفرنسية في أبوظبي والرابطة الثقافية الفرنسية في دبي، توجد سبع مؤسسات تعليمية فرنسية داخل الإمارات، وتعتبر المدارس السبعة المعتمدة من وزارة التربية الفرنسية في الدولة، سادس شبكة مدرسية فرنسية على مستوى العالم من حيث الأعداد، حيث تضم أكثر من عشرة آلاف طالب من الفرنسيين والإماراتيين وطلاباً من دول أخرى، ويتسم المشروع التربوي لهذه المؤسسات بالانفتاح على ثقافة الدولة، بالإضافة إلى المشاريع الثقافية الكبرى والعلوم والابتكارات واللغات الحية.

 

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد