الأتمتة وتحول القوى العاملة يعيدان تشكيل مستقبل اللوجستيات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
تشهد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تحولاً نوعياً في قطاع اللوجستيات والمستودعات مع تزايد الاعتماد على الأتمتة والتقنيات الحديثة، وسط توجه الحكومات نحو تعزيز التنوع الاقتصادي وتقليل الاعتماد على النفط. ويأتي هذا التحول في إطار خطط استراتيجية مثل رؤية السعودية 2030 ومئوية الإمارات 2071، التي تركز على تطوير القوى العاملة المؤهلة للتعامل مع الاقتصاد الرقمي والتكنولوجي.
وأوضحت الدراسات أن سوق أتمتة اللوجستيات العالمي من المتوقع أن ينمو من 35.14 مليار دولار في 2024 إلى 52.53 مليار دولار بحلول 2029، مع تركيز كبير على تأهيل الموظفين لتشغيل وصيانة الحلول التقنية المتطورة. وتتمثل أهمية الأتمتة في استبدال المهام المتكررة والمنخفضة القيمة بأدوار تتطلب مهارات أعلى، مثل مراقبة النظم وتحليل البيانات والصيانة التنبؤية، مما يعزز الإنتاجية ويخلق فرص عمل أكثر قيمة.
وأشار الخبراء إلى أن النجاح الحقيقي للأتمتة لا يقتصر على تركيب الآلات، بل يعتمد على تطوير مهارات الأفراد الذين يديرون هذه الأنظمة ويضمنون استفادة المؤسسات من قدراتها الكاملة. ويبرز ذلك في الطلب المتزايد على وظائف مثل مهندسي الأتمتة، وفنيي الروبوتات، وأخصائي دمج النظم، ومحللي بيانات المستودعات، حيث يجمع الموظفون بين المعرفة التشغيلية والكفاءة الفنية.
وتسعى المبادرات الحكومية في المملكة العربية السعودية والإمارات إلى تهيئة بيئة تعليمية وتدريبية قوية، تشمل برامج متخصصة في الذكاء الاصطناعي والروبوتات والتشفير، بالتعاون مع القطاع الخاص، بما يضمن تطوير جيل جديد من المواهب القادرة على قيادة قطاع اللوجستيات الذكي.
وأكدت الشركات المتخصصة مثل سويس لوج على أهمية دمج التدريب العملي مع نشر الأنظمة المتطورة في المستودعات، بما يتيح إعادة تخصيص القوى العاملة نحو مهام استراتيجية مثل تحليل سلاسل الإمداد وتحسين الأداء وتطوير مشاريع مبتكرة. كما أن الحلول الرقمية مثل منصة “SynQ” توفر قدرات متقدمة لإدارة المخزون، والفرز، والتعبئة، مما يقلل الزمن المستغرق لتلبية الطلبات ويزيد من مرونة العمليات.
وبحسب التحليلات، فإن القيمة الحقيقية للأتمتة تكمن في التعاون بين الإنسان والآلة، حيث تجمع الآلات بين السرعة والدقة، بينما يمتاز البشر بالقدرة على التكيف وحل المشكلات واتخاذ القرارات الاستراتيجية. ويُعد هذا التعاون عاملاً حاسماً في تحقيق مزايا تنافسية وإنتاجية أعلى في أسواق اللوجستيات التي من المتوقع أن تصل إلى 428.5 مليار دولار في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بحلول 2033.
ويخلص الخبراء إلى أن المؤسسات التي تنجح في الاستثمار في الأتمتة مع استراتيجيات شاملة لتطوير القوى العاملة ستحقق مرونة أكبر وقدرة أعلى على التكيف وتعزز موقعها في السوق، بينما قد تواجه المؤسسات المتأخرة تحديات في نقص المواهب وانخفاض الكفاءة التشغيلية وسط بيئة سريعة التغير تعتمد على الأنظمة الرقمية بشكل متزايد.
التعليقات مغلقة.