الإمارات تبدأ في تنفيذ خطط زراعية لتحقيق الاكتفاء الذاتي في ظل أزمة «كورونا»

تكاتفت وزارات ومراكز معنية بالقطاع الزراعي في الدولة للوصول إلى منظومة متكاملة، وأسهمت في اتخاذ خطوات آنية وتنفيذ آليات وفرت بدائل محلية كان لها دور رئيسي في تحقيق الأمن الغذائي وسد الاكتفاء الذاتي، لا سيما بعد إيقاف استيراد بعض المحاصيل بسبب أزمة فيروس كورونا المستجد.

وجرى تخصيص عشرات المراكز لاستلام المحاصيل الزراعية المحلية وفرزها وتغليفها، ثم تسويق عشرات الأطنان منها للأسواق الوطنية، وتمكنت المراكز البحثية من تحقيق الاستدامة في الموارد الطبيعية عبر إنشاء مزارع داخلية منتجة لمحاصيل عضوية لا تحتاج للماء والتربة.

وتمكنت هذه الجهود من تنويع مصادر الأمن الغذائي عبر التركيز على مراكز البحوث المتخصصة والزراعة المستدامة، التي وفرت محاصيل محلية أسهمت بشكل كبير في الاستغناء عن استيرادها من الخارج بنسبة 90% خلال الفترة الماضية.وأشار خبراء زراعيون إلى أن الخطط الاستراتيجية التي تنفذها الدولة في دعم القطاع الزراعي أسهمت في تحقيق الأمن الغذائي الزراعي بنسبة تتجاوز 90%، وأن إمكانية استثمار الأراضي الفضاء الشاسعة للزراعة مستقبلاً في ظل الدعم الحالي، ستؤهلها لأن تكون سلة غذاء العالم.

بدورها، أكدت وزارة التغير المناخي والبيئة أن تحقيق منظومة الأمن الغذائي وتوفير الغذاء الصحي بأسعار مناسبة في كل الأوقات، بما فيها أوقات الطوارئ والأزمات لكل أفراد المجتمع مسؤولية مشتركة بين الجهات الحكومية الاتحادية والمحلية والقطاع الخاص، ما يتطلب تفعيل منظومة وطنية لتوزيع الأدوار والاختصاصات وضمان تناغم الجهود وتحقيق النجاحات والإنجازات في ملف الأمن الغذائي الوطني، والتي تسهم في تحقيق العديد من الفوائد الاجتماعية والاقتصادية الملموسة، عبر السعي لزيادة الإنتاج الزراعي بأكثر من 100 ألف طن.

وأفادت بأن الإمارات سعت بخطى حثيثة إلى متابعة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي، والتي تتضمن أهدافها الرئيسية تطوير إنتاج محلي مستدام مُمكِن بالتكنولوجيا لكامل سلسلة القيمة، والحد من فقد وهدر الغذاء، وتعزيز القدرة لمواجهة المخاطر والأزمات المتعلقة بالأمن الغذائي.

وأشارت الوزارة إلى أن الإمارات حققت خلال الأعوام الماضية طفرة عالية في مجال الإنتاج الزراعي، أسهمت في رفد الأسواق المحلية بأكثر من 70 صنفاً من الخضار والفاكهة عالية الجودة، وبلغ عدد مزارع الدولة حتى العام الماضي 35 ألف مزرعة موزعة على المناطق، أسهمت تلك المزارع في تلبية احتياجات الأسواق المحلية، في حين تنافس محاصيلها الزراعية المنتجات المستوردة من الخارج.

وتابعت بأن الدولة أولت اهتماماً كبيراً بالزراعة العضوية وزيادة مساحتها، أما الزراعة بدون تربة «المائية» فتزيد نسبة مساحتها على 400% مقارنة بالزراعة المحمية التقليدية، ما أسهم في زيادة وتنوع الإنتاج الزراعي بشكل كبير وتصدير الفائض إلى الأسواق العالمية.

وأكدت أنها نفذت مؤخراً خططاً زراعية أسهمت في إدخال واعتماد أصناف جديدة عالية الإنتاجية، بعد التأكد من نجاحها تحت الظروف البيئية المحلية التي تم تقييمها واعتمادها.

فيما نوهت هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية بأن الزراعة عنصر أساسي لتحقيق الأمن الغذائي على مستوى الدولة، وتم التعاقد مع مئات المزارعين لاستلام أكثر من 42 صنفاً من منتجات مزارعهم من محاصيل متنوعة من الفواكه والخضراوات، عبر 17 مركز استلام موزعة على مناطق إمارة أبوظبي.

ويتولى القائمون على تلك المراكز فرز المحاصيل وتغليفها وفق معايير عالمية، وتسويق الأطنان منها إلى الأسواق المحلية بهدف تحقيق الاستدامة والأمن الغذائيين التي أكدت الإمارات أنها من الدول السباقة في هذا المجال.

ومن جهته، قال الرئيس التنفيذي لمجمع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار حسين المحمودي، إن المركز وبشراكات استراتيجية مع مؤسسات بحث عالمية تمكن من تطوير طرق مبتكرة للإنتاج الزراعي وتحلية المياه باستخدام الطاقة الشمسية، من خلال تطوير منظومة متكاملة من حلول الاستدامة في الموارد الطبيعية.

وأوضح أن تطوير المنظومة الزراعية بالتقنيات الحديثة أحد الركائز الأساسية في استراتيجية الإمارات الرامية نحو إيجاد حلول لمشكلات الزراعة وإنتاج الغذاء، والتي أسهمت في تنويع مصادر الأمن الغذائي الزراعي، إلى جانب توفيرها لمنتجات زراعية عضوية دون الحاجة لتوريدها من الخارج.

وأشار المحمودي إلى تمكن المركز من إنشاء مزارع داخلية منتجة بمساحة 150 متراً مربعاً للمزرعة الواحدة التي يمكنها أن تنتج أكثر من 1000 كلغ من الخضراوات العضوية والفاكهة شهرياً، وفي ذات الوقت توفر نحو 90% من استهلاك المياه مقارنة بالمزرعة التقليدية.

وأضاف أن مراكز البحوث المتخصصة أسهمت في تنويع مصادر الأمن الغذائي عبر التركيز على الزراعة المستدامة، التي وفرت محاصيل عضوية محلية أسهمت بشكل كبير في الاستغناء عن استيرادها من الخارج بنسبة 90% خلال الفترة الماضية، والتي كان لها دور في سد حاجة السوق المحلي، لا سيما في ظل أزمة انتشار فيروس كورونا التي أوقفت استيراد بعض المحاصيل وكان من الضرورة إيجاد بديل محلي.

ومن جانبه، قال الخبير الزراعي وعضو في استشاري الشارقة سابقاً الدكتور خليفة بن دلموك الكتبي، إن الإمارات تولي اهتماماً بالزراعة المائية وبالبيوت المحمية، وكلاها أسهم بشكل كبير في إنتاج المحاصيل الزراعية المتنوعة من الخضار والفواكه، إذ تمكنت الدولة من إنتاج المانجو والتين والفراولة التي كانت تصدر كميات كبيرة منها لدول العالم.

ولفت إلى نجاح المزارعين المواطنين في ظل دعم الجهات المعنية لهم بزراعة وإنتاج أكثر من 7 أصناف من القمح، إضافة إلى إنتاجها لمئات الآلاف من التمور سنوياً، والتي دخلت في تصنيع منتجات غذائية عدة مثل الحلويات والآيس كريم وغيرها من المواد المصنعة.

وأكد الخبير الزراعي حسن الزيات، أن الإمارات تمتلك إمكانات هائلة تمكنها خلال الأعوام المقبلة أن تكون سلة غذاء العالم، بفضل تبنيها خططاً استراتيجية لتطوير القطاع الزراعي ورصدها ميزانيات مالية ضخمة لتطبيق تقنيات زراعية حديثة تسهم في تنوع ووفرة المحاصيل من الخضراوات والفواكه بأقل التكاليف، فضلاً عن الدعم المقدم للمزارعين المواطنين مثل الإرشاد الزراعي، وتوزيع مبيدات حشرية، وبيوت محمية بأسعار مدعومة، وتخصيص أسواق لشراء منتجاتهم بأسعار مشجعة لهم على الاستمرار في هذا المجال.

وأضاف أن الإمارات تمكنت من تحقيق أكتر من 90% من الأمن الغذائي الزراعي نتيجة الدعم المقدم للمزارع المحلية، عبر خطط متكاملة عملت على تبنيها وتنفيذها، وظهرت نتائجها الإيجابية خلال أزمة كورونا الراهنة.
فيما أشارت المهندسة الزراعية روضة علي إلى أن توافر إمكانات عدة في الإمارات جعلتها تحقق الأمن الغذائي على كافة الأصعدة بما فيها الإنتاج الزراعي، إذ تضم خارطتها مساحات فضاء شاسعة يمكن للحكومة استثمارها في زراعة ذات تقنيات حديثة، كالزراعة المائية «الهيدروبونيك» ومن خلالها يقل استخدام مياه الري بنحو 95% مقارنة بالزراعة التقليدية، وأيضاً الزراعة الهوائية «العمودية» التي لا تحتاج إلى تربة، فضلاً عن زراعة البيوت المحمية التي توفر بيئة ملائمة للزراعة بجميع المواسم وعلى مدار أشهر العام.

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد