الاقتصاد السعودي.. يسير نحو التنويع عبر مشاريع غير نفطية تدر المليارات

يواصل الاقتصاد السعودي حصد مكانة رائدة على مستوى المنطقة في عمليات الإصلاح والتطوير المستمرة؛ بهدف بناء اقتصاد قوي وراسخ يتسم بالتنوع للقدرة على مواجهة التحديات والأزمات ومواكبة التطورات العالمية.

وتحتفل المملكة العربية السعودية غداً باليوم الوطني لذكرى تأسيسيها الـ92 وسط إنجازات قوية وإشادات عالمية، حول القدرة على التطور والتنوع باستثمارات تتجاوز التريليون دولار، تقود من خلالها المنطقة بعيداً عن المشاريع النفطية، وهو ما نرصده في هذا التقرير.

أكبر سوق في المنطقة

قال محمد جونيد أنصاري رئيس إدارة البحوث والاستراتيجيات الاستثمارية إنه لا يزال سوق المشاريع في المنطقة قوياً مع أكثر من 2.2 تريليون دولار أمريكي من المشاريع في مرحلة التنفيذ وما قبل التنفيذ، مؤكداً أن المملكة العربية السعودية تعد أكبر سوق في المنطقة؛ حيث تبلغ نسبتها من المشاريع 58.9% أو ما يعادل 1.3 تريليون دولار أمريكي.

وأشار أنصاري إلى أن الاقتصاد السعودي يتسم بالتنوع، ولم يعد يقتصر على مشروعات النفط؛ حيث إن معظم هذه المشاريع في قطاع البناء بقيمة تصل إلى 963 مليار دولار أمريكي، يليها النقل والطاقة بقيمة 103.6 مليار دولار أمريكي و80.2 مليار دولار أمريكي على التوالي.

ولفت رئيس البحوث إلى أنه على الرغم من أن الحكومة استمرت في كونها اللاعب الأكبر في سوق المشاريع خلال النصف الأول من عام 2022، إلا أن المطورين غير الحكوميين يلعبون أيضاً دوراً رئيسياً في سوق المشاريع المزدهر في المملكة.

وذكر أنه تم منح مشروع مؤخراً بقيمة 250 مليون دولار أمريكي من قبل المطور المحلي أم القرى للتنمية والبناء لشركة الديار العربية المحلية لبناء 10 أبراج سكنية في مدينة مكة المكرمة، وفقاً لميد.

ولفت إلى أنه في وقت مبكر من هذا العام، وقعت شركة القدية للاستثمار عقداً بقيمة 750 مليون دولار أمريكي مع فريق من شركة السيف للمقاولات الهندسية المحلية وشركة أليك الإماراتية لبناء حديقة مائية في مشروع القدية.

وتابع: وتم تصميم المشروع ليكون أكبر حديقة مائية في المنطقة مع 23 لعبة ووجهة ترفيهية.

كما أعلنت منشأة طويق للصب والطرق، المملوكة جزئياً لاتحاد يضم أرامكو السعودية ودوسان الثقيلة الكورية الجنوبية، عن مشروع بقيمة 836 مليون دولار أمريكي خلال الربع الأول من عام 2022، وكذلك أعلنت شركة Lucid Motors عن أحد أكبر الاستثمارات غير الحكومية هذا العام لبناء أول مصنع للشركة خارج الولايات المتحدة مع مصنع للسيارات الكهربائية في المملكة العربية السعودية.

توسع الأنشطة غير النفطية

من جهته، أكد المحلل المالي والرئيس التنفيذي الدولي لتطوير الأعمال في البنك العراقي الإسلامي للاستثمار والتنمية، علي حمودي أن الاقتصاد السعودي يواصل إظهار نمو في الأنشطة النفطية وغير النفطية مشيراً إلى توسع الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في المملكة بنسبة 12.2% في الربع الثاني، متجاوزاً التقديرات السريعة البالغة 11.8%.

وتابعت: كذلك ارتفعت الأنشطة النفطية بنسبة 22.9% على أساس سنوي، حيث استفاد الاقتصاد من ارتفاع أسعار النفط وزيادة الإنتاج، وارتفعت الأنشطة غير النفطية بنسبة 8.2%، بينما ارتفعت الأنشطة الحكومية بنسبة 3.2% عن العام الماضي.

وتوقع حمودي أن تتوسع الأنشطة غير النفطية بنسبة 5.1% في عام 2022، قائلاً إن قراءة مؤشر مديري المشتريات لشهر أغسطس تشير إلى أسرع نمو في الاقتصاد غير النفطي منذ سبتمبر 2021.

وسجلت الأعمال الجديدة أعلى مستوياتها في 10 أشهر، ولا تزال ثقة الأعمال متفائلة، ما يشير إلى المرونة في الاقتصاد غير النفطي، على الرغم من مخاوف التضخم العالمي، حيث دعم النمو القوي في الإنتاج والطلبات الجديدة والمشتريات قراءة مؤشر مديري المشتريات عند 57.7 نقطة، ما أبقى المؤشر في منطقة توسعية للشهر الرابع والعشرين على التوالي.

وذكر حمودي أن قطاع الصناعة والتصنيع في المملكة العربية السعودية يعد مجالاً واعداً لنمو الأعمال التجارية التي يمكن أن توفر فرص عمل إضافية في القطاع الخاص خلال العقود المقبلة. وكذلك قطاع الخدمات ونوه إلى أن قطاع السياحة الجديد شهد نسبياً زيادة كبيرة خلال العام الماضي، ومن المتوقع أن ينمو أكثر خلال السنوات المقبلة.

مشاريع تدر المليارات

ومن ناحيته أشار فيجاي فاليشا، مدير المخاطر المالية كبير محللي السوق في شركة سنشري فاينانشال، إلى أن المملكة العربية السعودية سعياً منها لتطوير وتنويع اقتصادها وتقليل الاعتماد على النفط، أطلقت رؤية السعودية لعام2030؛ مبنية على العديد من الإصلاحات الاقتصادية والمالية التي تهدف إلى تحويل هيكل الاقتصاد السعودي إلى اقتصاد متنوع ومستدام يركز على تعزيز الإنتاجية، وزيادة مساهمة القطاع الخاص وتمكين القطاع الثالث.

ولفت فاليشا إلى أنه ولأول مرة منذ عقود أزالت الحكومة القيود المفروضة على قطاع الترفيه الذي يعود بفائدة كبيرة على اقتصاد البلاد الذي سيستفيد منه المستثمرون الأجانب مستقبلاً؛ حيث إنها اليوم لا تزال في مراحل مبكرة من النمو مع الكثير من الإمكانات.

وتابع: ومن المتوقع أن تخلق المشاريع السياحية نمواً؛ لأنها تقدم وجهات أثرية لم يتم استكشافها سابقاً وبيئات نقية للمستثمرين الخارجيين لأول مرة، حيث قام صندوق الثروة السعودي بالفعل ببناء مناصب في الرعاية الصحية والضيافة والتعليم والإعلام داخل البلاد نفسها لتعزيز الاقتصاد المحلي مع تعزيز ريادة الأعمال بما يتماشى مع رؤية الحكومة السعودية.

وذكر مدير المخاطر أن الرؤية السعودية لعام 2030 هي خارطة طريق لتمكين البلاد من تحقيق إمكاناتها كمركز اقتصادي عالمي وقوة استثمارية، لافتاً إلى أن مشاريع مثل نيوم ومشروع البحر الأحمر والقدية تعتبر نقطة تحول حاسمة في إظهار الرؤية وتطوير النمو المستدام طويل الأمد للاقتصاد.

وأضاف أنه في نيوم، تتطور المملكة مع استثمارات بما يقارب 500 مليار دولار، وهي منطقة اقتصادية مستدامة تماماً من خلال مواردها، حيث تم بناء الخط داخل نيوم، وسيكون موطناً لما يقارب من تسعة ملايين شخص، يعيشون في مجتمعات مترابطة يديرها الذكاء الاصطناعي المصمم للتعايش مع الطبيعة، وتشير التقديرات إلى أن الخط سيساهم بمبلغ 180 مليار ريال سعودي في الاقتصاد، ويولد 380 ألف وظيفة في المستقبل.

ومن ناحية أخرى، يضم مشروع البحر الأحمر الذي يتم تطويره أكثر من 28 ألف كيلومتر ² من الأرض والمياه كوجهة سفر فريدة وفاخرة تحتضن الطبيعة والثقافة والمغامرة، وتهدف إلى وضع السعودية على خريطة السياحة العالمية، تتوقع البلاد الترحيب بأكثر من 70 مليون زيارة سياحية بحلول نهاية عام 2022 بعد جذب 62 مليون زيارة في العام السابق.

بالإضافة إلى ذلك، يعد مشروع القدية مشروعاً ترفيهياً ضخماً، ومن المتوقع أن يكون أكبر وجهة سياحية في جميع أنحاء العالم، ويتألف من حدائق ترفيهية ومتنزهات مائية ومناظر طبيعية وأنشطة ثقافية، ويهدف المشروع إلى تنويع الاقتصاد من خلال تعزيز قطاع السياحة.

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد