تحول كبير في مشهد حزم البيانات الحديثة: محرك الأعمال الأكثر ذكاءً
كارل كراوثر، \نائب رئيس ألتيريكس لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا والمحيط الهادئ
في جميع أنحاء الشرق الأوسط وخارجه، تشهد الشركات طفرةً هائلةً في البيانات لا تستطيع الأنظمة التقليدية إدارتها. يطالب قادة الأعمال بالمرونة وقابلية التوسع وتعزيز القدرة على اتخاذ قرارات ذكية مدعومة برؤى آنية. هنا يأتي دور الحزم الحديثة للبيانات، حيث تبشر بحقبة جديدة قائمة على البنية التحتية والتحليلات المُعززة بالذكاء الاصطناعي.
بحلول عام 2025، أصبحت الهياكل الحديثة للبيانات المعيار للمؤسسات ذات الرؤية المستقبلية. الآن، أصبحت الشركات تُركز على قابلية التشغيل البيني، إدارة عمليات الذكاء الاصطناعي/تعلم الآلة بكفاءة، والمنصات الفائقة والمحايدة التي تتكامل بسلاسة مع “أمازون للحوسبة السحابية”، سحابة غوغل و “آزور”. تتجاوز منصات البيانات اليوم مجرد التخزين، فهي تُمثل محركات رئيسية لاتخاذ قرارات أسرع وأذكى في جميع أنحاء المؤسسة.
ما هي حزم البيانات الحديثة؟
حزم البيانات الحديثة عبارة عن منظومة معيارية مصممة لإدارة دورة حياة البيانات بأكملها، بدءً من استيعاب البيانات وتخزينها إلى التحليلات والذكاء الاصطناعي. بخلاف الحلول التقليدية، يتميز هذا النهج الجديد بالمرونة والسرعة وقابلية التوسع والتطوير.
تتضمن الحزم النموذجية مستودعات بيانات أو بحيرات بيانات، مثل “سنوفليك”، “ريدشيفت”، و “بيغ كويري”، والتي تعمل كمستودعات مركزية للبيانات عالية السرعة والحجم. تعمل أدوات تكامل البيانات على أتمتة نقل المعلومات وإعدادها. على سبيل المثلا، تعمل منصة ألتيريكس على تبسيط سير العمل وتسريع وقت استنباط الرؤى القيّمة، ثم تقوم الأدوات الذكية مثل “تابلو” و “باور بي آي” بتحويل البيانات الخام إلى لوحات معلومات قابلة للتنفيذ، بينما تتيح منصات الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة إمكانية الوصول إلى التحليلات التنبؤية والأتمتة، لتكون النتيجة رؤى فعّالة مباشرة في متناول المستخدمين على كافة مستويات المؤسسة.
مستودعات البيانات: العمود الفقري لمؤسسات الشرق الأوسط وأفريقيا
على عكس منصات البيانات التقليدية، توفر مستودعات البيانات مرونة في التوسع والتطوير لتلبية احتياجات البيانات المتزايدة، وكفاءة التكلفة من خلال نماذج الدفع حسب الاستخدام، والأداء فائق السرعة للاستعلامات والتحليلات بصورة لحظية. كما أنها تعزز إمكانية الوصول إلى البيانات من خلال تمكين الفِرَق العالمية من الوصول لها عن بُعد، مع توفير المرونة المدمجة في ميزات التعافي من الكوارث والتصدّي للأعطال، مما يجعلها أساساً متيناً للمؤسسات التي تعتمد على البيانات.
وجدت دراسة حديثة أجرتها شركة آي بي أم أنّ 65% من قادة تكنولوجيا المعلومات في دولة الإمارات العربية المتحدة بادروا بتسريع تطبيق الذكاء الاصطناعي خلال العامين الماضيين. أدّى هذا الارتفاع إلى ضغوطات هائلة على البنية التحتية، مما زاد من أهمية منصات البيانات القابلة للتوسع والتطوير. ومع تزايد اعتماد الذكاء الاصطناعي، أصبح من الضروري أن تضمن المؤسسات مرونة استراتيجيات البيانات الخاصة بها وأمانها وجاهزيتها لأي ظرف.
الذكاء الاصطناعي وراء اتخاذ قرارات أكثر ذكاءً
اليوم، تستطيع أدوات الذكاء الاصطناعي أتمتة المهام المرهقة مثل إعداد البيانات، واستخلاص رؤى قيّمة من البيانات غير المنظمة، والسماح للمستخدمين بالتفاعل مع البيانات باستخدام واجهات اللغة الطبيعية.
على سبيل المثال، يُمكن للذكاء الاصطناعي التوليدي تحليل التقارير المالية واستخلاص أهم الرؤى الاستراتيجية في ثوان فقط، وهي عملية كانت تتطلب في السابق ساعات من المراجعة اليدوية. على نطاق واسع، يُحدث هذا نقلة نوعية في التحليلات التنافسية، وتعزيز الامتثال للوائح التنظيمية، وتمكين اتخاذ القرارات الاستراتيجية.
ومن جهة أخرى، سيأتي التحول الكبير التالي مع الذكاء الاصطناعي الوكيل، وهي أنظمة قادرة على اتخاذ قرارات مستقلة، مما سيعزز إنتاجية المؤسسات بشكل كبير. في الإمارات العربية المتحدة، ينظر 82% من قادة الأعمال إلى الذكاء الاصطناعي كقوة فاعلة في تشكيل إمكانات مؤسساتهم، بينما يرى 76% من المحللين المقيمين في الإمارات العربية المتحدة أن أدوات الذكاء الاصطناعي والأتمتة قد عززت من فعاليتهم وكفاءتهم.
الدور المحوري لخبراء تكنولوجيا المعلومات في قيادة هذا التحول
تعتمد فعالية الذكاء الاصطناعي على كفاءة الفرق التي تعمل على تطبيقه. يعمل خبراء تكنولوجيا المعلومات على تطوير الأنظمة، ضمان الحوكمة، والتركيز على تصميم نماذج تشغيلية رقمية في المقام الأول.
في دراسة أجرتها شركة ألتيريكس مؤخراً، أفاد 94% من محللي البيانات أن دورهم يؤثر بشكل مباشر على القرارات الاستراتيجية، وأشار87% منهم إلى زيادة تأثيرهم على نتائج شركاتهم، بينما أفاد تسعة من كل عشرة من خبراء البيانات في المنطقة أن الذكاء الاصطناعي قد حوّل طريقة عملهم بالفعل.
يدلّ كل ما سبق إلى أن خبراء تكنولوجيا المعلومات لم يعودوا مجرّد فرق تتحكم بالتكنولوجيا، بل أصبحوا شركاء استراتيجيين يشكّلون مستقبل الأعمال. ومع تزايد تفاعل الموظفين من خلفيات غير تقنية مع البيانات، أصبح من المهم أن تتولى فرق تكنولوجيا المعلومات مهمة إنشاء بيئات آمنة يسهل الوصول إليها لإضفاء الطابع الديمقراطي على مشهد التحليلات.
بالنظر إلى المستقبل
حزم البيانات الحديثة أكثر من مجرّد ترقية تكنولوجية، بل تحول في العقلية، فهي تجمع بين البنية التحتية المتقدمة، والرؤى المدعومة بالذكاء الاصطناعي، والابتكار المُركّز على الإنسان. في عام 2025، لن يتحقق النجاح من جمع المزيد من البيانات فقط، بل من إنشاء أنظمة مرنة وتمكين الفرق من تحويل هذه البيانات إلى أفعال.
مع تسارع تبني الذكاء الاصطناعي، ينبغي أن يعيد قادة تكنولوجيا المعلومات النظر في كيفية توليد القيمة في جميع أنحاء المؤسسة. من تحسين سلاسل التوريد إلى التنبؤ بسلوك العملاء إلى التخصيص الفوري، تُعدّ البيانات المحرّك الرئيسي لتمكين كلّ ذلك. وعليه، فإن قادة الغد هم أولئك الذين يستثمرون اليوم في البنية التحتية الذكية والقدرات البشرية القادرة على تسخيرها.
التعليقات مغلقة.