قادة أوروبا يودعون مستشارة الحكمة والسلام

صفّق القادة الأوروبيون وقوفاً، أمس، للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في بروكسل في قمتها الـ107 والأخيرة بعد 16 عاماً في الحكم، بحسب مصدر حضر الاجتماع المغلق.
ونقل المصدر عن رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال قوله لميركل: «أتمنى ألا تستائي من هذه الاحتفالية بمناسبة قمّتك الأخيرة». وأضاف ميشال: إن اجتماع دول الاتحاد الأوروبي «دون أنجيلا يشبه روما دون الفاتيكان أو باريس دون برج إيفل».
وتابع: «إن توديعك للساحة الأوروبية يؤثر فينا سياسياً، ولكن يغمرنا أيضاً بالمشاعر.. أنت صرح»، مشيداً بـ«حكمة» المستشارة التي سيفتقدها الأوروبيون «خصوصاً في الفترات الحساسة».
وكان رؤساء الدول والحكومات أشادوا في السابق بروح التسوية التي تتحلى بها المسؤولة الألمانية عند رحيلها، منهم النمساوي ألكسندر شالنبرج، الذي وصفها بأنها «صانعة سلام في الاتحاد الأوروبي» واللوكسمبورغي كزافييه بيتيل، التي قال: إنها كانت تتميز بقدرتها على إيجاد حلول وسط.
وفي هذه القمة الأخيرة لميركل، كانت بولندا مُحرجة بسبب اتهامات لها بانتهاك سيادة القانون، فيما تركت ألمانيا بصمة جديدة بالدعوة للحوار مع وارسو. وقدّم القادة الأوروبيون للمستشارة هديّة تمثّل المبنى الذي تُقام فيه القمم الأوروبية.
ووجّه شارل ميشال، خلال مداخلته، تحيّة لرئيس الوزراء السويدي ستيفان لوفن الذي ستنتهي مهامه في نوفمبر، بعد أن أدار البلاد منذ عام 2014. وقال له شارل ميشال: «ترك حضورك القوي والمطمئن أثراً في اجتماعاتنا»، مرحّبًا بالتزامه بالـ«تقدم الاجتماعي»، بحسب المصدر نفسه.
من جانبها، أعربت ميركل، التي تستعد للانسحاب من الحياة السياسية، عن «قلقها» على مستقبل الاتحاد الأوروبي الذي يواجه مشكلات «كبرى»، ذاكرة منها دولة القانون والهجرة والاقتصاد.
وقالت ميركل: «أترك الآن هذا الاتحاد الأوروبي، في وضع يدعو إلى القلق، وقد تخطينا الكثير من الأزمات، لكننا أمام سلسلة من المشكلات التي لم تلق حلا». وقال رئيس الوزراء البلجيكي ألكسندر، دي كرو: إن ميركل طبعت أوروبا حقاً على مدى 16 عاماً، وساعدتنا جميعنا الـ27 على اتخاذ القرارات الصحيحة بكثير من الإنسانية في مراحل كانت صعبة. وشدد على أنها «كانت صانعة سلام داخل الاتحاد الأوروبي، وكانت بلا شكل أوروبية كبيرة».
بدوره، أشاد الرئيس الليتواني غيتاناس ناوسيدا بـ«سياسية عظيمة كانت عامل استقرار أساسياً في ظروف في غاية التعقيد»، مبدياً «احترامه الهائل» لها. وكانت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، التي كانت في الماضي وزيرة للدفاع في حكومة ميركل، أكدت مؤخراً كم كانت روح التحليل التي تتمتع بها ميركل الحائزة شهادة دكتوراه في الكيمياء أساسية لحلحلة المفاوضات الأوروبية، حين تراوح مكانها بلا نهاية أحياناً.
وأظهرت المستشارة المحافظة براعة في الإدارة البراغماتية سمحت لها بالتوصل إلى التسويات الضرورية للحفاظ على وحدة الاتحاد.
ومن المتوقع أن يتولى مستشار جديد مهامه في ألمانيا قبل عيد الميلاد. وكشف الاشتراكيون الديموقراطيون ودعاة حماية البيئة والليبراليون، أمس الأول، الجدول الزمني لمفاوضاتهم الرامية إلى تنصيب أولاف شولتس مستشاراً في مطلع ديسمبر.
ويثير انسحاب ميركل، البالغة 67 عاماً، من العمل السياسي الخوف من حصول فراغ في الاتحاد الأوروبي، في وقت يواجه خططاً حاسمة لاستمراريته، منها إعادة بناء الاقتصاد بعد «كوفيد-19» والتغير المناخي وإثبات دوره الجيوسياسي.

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد