هل الانسحاب الروسي من اتفاقية الحبوب يقرع أبواب المجاعات لدول نامية ؟؟

استطلاع خاص لمجلة استثمارات الإماراتية مع خبراء الاقتصاد

الخبير الاقتصادي : رضا مسلم في تصريحه لمجلة استثمارات الإماراتية :-
 الانسحاب سيساهم في تفاقم أزمة الغذاء مجددا ورفع معضلة التضخم والتأثير سلباً على الدول النامية
 تحديات مقبلة رغماً من امتلاك أوكرانيا لـ20 مليون طن من القمح لم يتم بيعها حتى الأن

المحلل الاقتصادي الدكتور إبراهيم جلال لمجلة استثمارات الإماراتية : –
• إخطار الكرملين للأمم المتحدة بالانسحاب من الاتفاقية مناورة تكتيكية لتحقيق اهداف سياسية
• استمرار التضخم بأسعار المواد الغذائية أعلى من 5% سنويا في أكثر من 60% من الدول الأقل دخلاً

الدكتور أحمد أبو كنز أستاذ المحاصيل الزراعية في المركز القومي للبحوث في مصر لمجلة استثمارات الإماراتية :-
 أكثر من 550 مليون نسمة يعانون الفقر حول العالم، قد يزيدون إلى 800 مليون بعد انهيار اتفاق الحبوب.
 الانسحاب الروسي لن يؤثر سلباً على مصر فى ظل وجود مخزون لمدة ٦ اشهر
 فرض الحكومة المصرية عقوبات على التعدى على الأرض المخصصة لزراعة القمح في مصر يحجم أي تداعيات

أجرته:   رباب سعيد –  مراسلة مجلة استثمارات الإماراتية شؤون مصر وشمال أفريقيا

تسبب انسحاب روسيا من اتفاقية الحبوب المعروفة باسم “مبادرة حبوب البحر الأسود” في إحداث قفزة في أسعار البورصة العالمية للقمح بزيادة تصل إلى 2.6 %، تتبعها زيادة في أسعار الذرة في أسواق السلع العالمية؛ مما ينعكس على زيادة أسعار المنتجات العالمية. ولا شك ان هذا الانسحاب يهدد انهيار الاتفاقية برفع أسعار المواد الغذائية للمستهلكين في جميع أنحاء العالم ودفع الملايين إلى الجوع؛ حيث قال البيت الأبيض إن الصفقة كانت “حاسمة” لخفض أسعار المواد الغذائية في جميع أنحاء العالم، والتي ارتفعت بعد حرب روسيا وأوكرانيا في فبراير من العام الماضي. وفي ذلك الصدد فقد أجرت ” مجلة استثمارات الإماراتية” استطلاع لرصد آراء خبراء الاقتصاد.

تداعيات الانسحاب

قال الخبير الاقتصادي رضا مسلم، المدير الشريك لشركة تروث للاستشارات الاقتصادية والإدارية بأبو ظبي في دولة الإمارات العربية المتحدة في تصريحه لمجلة استثمارات الإماراتية أن انسحاب روسيا من اتفاق الحبوب سينعكس على الدول النامية، وسوف تعود أزمة الغذاء تتفاقم مجددا، وسيشهد العالم موجة جديدة وشديدة من الارتفاع في أسعار الغذاء على مستوى العالم بما يساهم في زيادة التضخم، بجانب توقف سلاسل الإمداد مرة أخرى.

وتوقع الخبير الاقتصادي رضا مسلم استمرار ارتفاع الاسعار خلال الايام المقبلة، وهو ما قد يؤثر على التعاقدات الجديدة، في الوقت الذي تمتلك فيه أوكرانيا مخزون من الحبوب يصل الى 20 مليون طن من القمح، لم يتم بيعه خلال فترة المبادرة التي كان معمول بها وتم وقفها منذ أيام، مؤكداً على أن السوق المصرية سيكون له تأثير كبير ، خاصة وأنه سيتم الاعتماد على مناشئ أخرى وبأسعار مرتفعة نسبيا عن السوق الاوكراني من ناحية، بالاضافة إلى ارتفاع أسعار النوالين في حالة الاستيراد من أسواق بديلة خاصة استراليا أو السوق الامريكي.

واضاف أن جميع دول العالم تسعى جاهدة لوجود بدائل لهذه الحبوب، حتي لا تجد نفسها دون بدائل أو إمداد من تلك الحبوب، حتى وإن كانت تلك البدائل  ليست بشكل كامل. مشيرا إلى أن كل الدول تلجأ الآن إلى حلول بديلة، ويتم إتخاذ العديد من الاجراءات ليكون لديها إكتفاء ذاتي، حتي  تبتعد  عن أزمات الغذاء.

حرب استراتيجية تفاوضية

من جهة اخرى قال الدكتور ابراهيم جلال المحلل الاقتصادي بالمملكة العربية السعودية، في تصريحه لمجلة استثمارات الإماراتية”،  أن  إخطار الكرملين للأمم المتحدة وكيف وأنقرة انسحابها من اتفاقية الحبوب جزء من الحرب الإستراتيجية التفاوضية لتخفيف أعباء العقوبات عليها وكأنها “مناورة” تخدم أهدافها كافة سواء كانت (عسكرية أو اقتصادية أو سياسية)، مثلما فعلت بالمفاوضات السابقة وكذلك في عمليات تسليم المساعدات في سوريا، حيث تدعي موسكو أن الاتفاقية المعروفة باسم “مبادرة حبوب البحر الأسود” لا فائدة منها لروسيا، لأنها (الاتفاقية) في صيغتها الثلاثية تتجاوز “الخط الأحمر”، وبالتالي يعارض بوتين اتفاقه مع الأمم المتحدة وتركيا وليس مع أوكرانيا.

تهديد الأمن الغذائي العالمي

واضاف د/ إبراهيم جلال المحلل الاقتصادي أنه من الصعب المبالغة في التهديد الذي يتربص بالمشهد الاقتصادي العالمي والأمن الغذائي، خاصة في الدول النامية بالعالم وأفريقيا. حيث زادت أسعار المواد الغذائية  بصورة كبيرة جعل الأسواق كلها تئن في خضم اضطرابات سلسلة التوريد منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية، عالمياً مع استمرار التضخم بأسعار المواد الغذائية أعلى من 5% سنويا في أكثر من 60% من الدول الأقل دخلاً، وما يقارب 80% من الدول متوسطة الدخل المرتفعة أيضاً. فقد انخفض أسعار القمح بنسبة 3% على مستوى العالم وفق بيان البنك الدولي في اسبوعين الماضيين فقط، علماً بأن انخفاض مؤشر منظمة الأغذية والزراعة لأسعار الغذاء عن ذروته كان عند 160 في مارس 2022، مقارنة بـ 122 في يونيو، بزيادة مقدارها الثلث عن يونيو 2020، حيث كانت حوالي 93 فقط..

تاثير  اتفاقية الحبوب على الأسواق

وأضاف الدكتور إبراهيم جلال، ويشعر التجار بالقلق من تقلص الإمدادات بعد انهيار اتفاق الحبوب في البحر الأسود، وقد شهدنا ارتفاع أسعار القمح خلال خمسة أشهر ماضية، بعد سلسلة الهجمات على البنية التحتية للموانئ الأوكرانية، أو استهداف كلا الجانبين الروسي الأوكراني لأي ميناء فيهما، مؤثراً على الأسعار والتعاملات، والنتيجة قفزت العقود الآجلة للقمح في مجلس شيكاغو للتجارة 8.5% إلى 7.57 دولارات للبوشل (27 كيلوغراما)، كما ارتفعت عقود الذرة الآجلة 4.7% إلى 5.52 دولارات للبوشل..

وهنا يجب أن لا ننسي محاولات روسيا للخروج من عنق زجاجة العقوبات الغربية الأمريكية من خلال توقيع الرئيس الروسي بوتين على قانون الروبل الرقمي في البلاد، وإطلاق منصة إلكترونية للعملة الرقمية الروسية ابتداء من أغسطس القادم، ليكون الرديف الثالث للعملة المحلية إلى جانب الروبل النقدي وغير النقدي، وهو ما يضع نظام سويفت في خطر التضخم الكبير عالمياً.

وبالتالي المجاعة عامة لكن يتضرر منها أبرياء العالم من الدول النامية. 

الدول الأكثر تضررا

على صعيد متصل قال  الدكتور أحمد أبو كنز أستاذ المحاصيل الزراعية بمركز البحوث في مصر في رصد تقييمه للمجريات الراهنة لـ”مجلة استثمارات الإماراتية”،  أن المتضرر الأكبر من هذا النزاع بين روسيا خصومها هو الدول الفقيرة، الأكثر احتياجا للحبوب، وهي الدول الأبعد عن الحرب الدائرة في أوكرانيا ،أن من المتوقع أن 50مليون شخص في شرق افريقيا يحدث لهم  مجاعة بجانب أزمات غذائية وصحية من الدرجة الأولى  خاصة أن هذا لم يحدث منذ زمن طويل.، بالاضافة  إلى تأثير  هذا القرار الذي لم يدخل حيز التنفيذ إلى الآن على المنطقة العربية و الدول الأكثر استيرادا للحبوب من أوكرانيا، وهي، ليبيا (تستورد 40%)، الجزائر (تستورد 30%).

كما يلفت استاذ  المحاصيل  الزراعية ابو كنز النظر إلى أن الضرر سيشمل ارتفاع الأسعار “ما قد يؤدي إلى مجاعات في أنحاء إفريقيا والشرق الأوسط أميركا اللاتينية”. ووفق إحصائية أميركية، و يتابع أبو كنز، فإنه يوجد أكثر من 550 مليون نسمة يعانون الفقر حول العالم، قد يزيدون إلى 800 مليون بعد انهيار اتفاق الحبوب.

لذا يتوقع ابو كنز أن “تجري مشاورات وأن تنجح وساطة تركيا في هذا، لكن يجب إيجاد حل دائم؛

وبالنسبة لموقف مصر من هذه الأزمة، شدد الدكتور  أحمد أبو كنز أن انسحاب روسيا من المبادرة لن يؤثر سلبيا على مصر، بل له مردود  إيجابي في ظل وجود مخزون احتياطي من القمح يكفى احتياجات البلاد لمدة 6 شهور مقبلة هذا على لسان وزير التموين، بالإضافة إلي السياسة التى تتبعها البلاد خلال الفترة الأخيرة بشأن تنويع مصادرها من السلع الاستراتيجية المستوردة وتحديدا القمح.

وأشار إلى أنه بداية الحرب الروسية الأوكرانية ومصر بدأت تعتمد على أكثر من مصدر في توفير احتياجاتها من القمح والذرة الصفراء وغيرها من السلع الاستراتيجية.

أضاف: استيراد شحنات القمح أو الذرة يكون عبر شركات موردة لصالح هيئة السلع التموينية أو القطاع الخاص، ويتمثل دور الحجر الزراعي في فحص تلك الشحنات في بلد المنشأ أو بعد وصولها للموانئ المصرية”

وأشار إلى  أن قرار روسيا بعدم إمداد الدول بالحبوب يعد ورقة ضغط في الحرب الروسية الأوكرانية من الناحية الاقتصادية لتحقيق مواقف سياسية، ولكن في النهاية يصعب استمرار روسيا في استخدامها لهذه الورقة من أجل الضغط على العالم.

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد