الشيخ علي المعلا.. في حواره مع مجلة استثمارات الإماراتية   القيادة الرشيدة لدولتنا الإمارات ملهمة للعالم أجمع

فنان تشكيلي برؤى تستلهم دروب الاستدامة العالمية

 

 

  • القيادة الرشيدة لدولتنا الإمارات ملهمة للعالم أجمع.. ونستذكر البصمات الخالدة لرجل البيئة الأول في العالم والدنا الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان “طيب الله ثراه”
  • الطبيعة في بلدي الإمارات ملهمة لأي فنان رغم التحديات المناخية الهائلة التي تعتريها.. وهذا يجعلني استشعر مسؤولية عظيمة
  • مؤمن بأن الفن التشكيلي والحفاظ على البيئة يلتقيان لتحقيق هدف أسمى
  • لا أتقيد بمدرسة أُحادية في الفن التشكيلي ولكن دوماً أُحرصُ على التحليق بأعمالي الفنية في سماء الحرية والإبداع
  • حديقة منزلي تُعد لوحتي الفنية الأكبر وسعيد بحصولها على “جائزة أجمل حديقة”
  • مصنع آردِكو نموذج ملهم للمشاريع التجارية والصناعية التي تجمع بين الابتكار والاستدامة.. وطموحي بأن يكون علامة تجارية عالمية لعُشاق الفن والجودة.
  • رسالتي: تجسيد الجمال والابتكار في أعمالي
  • عملي الفني “عرش السلام”، هو الأكبر من نوعه في العالم ويعود لشجرة عمرها 150 عاماً تم نقلها من إندونسيا لبلدي الإمارات وشهدت 15.000 ساعة من العمل المتواصل لتخرج للعالم أجمع كعمل فريد له رسالة سامية للاستدامة
  • بقدر ثراء بيئة الإمارات بكافة نواحي الجمال الملهمة لأي فنان على وجه الأرض؛ إلا أنها تجابه مخاطر مناخية
  • الفن يتيح لي التعبير عن أفكاري وقيمي والتحدي الأكبر هو ترقب رأي الجمهور بعد إنجازي لأعمالي
  • حينما يكون إنتاجي الفني مصدره مدخلات انتهى عمرها الافتراضي يتولد لديَّ إحساسٌ بخلق حياة جديدة “بفضل الله تعالى”
  • لقب “صديق البيئة” هو أكبر تقدير حصلتُ عليه في حياتي
  • أتفرَّد وأستلهم علاقة متوازية بين اهتماماتي كفنان تشكيلي وبين قيم ومفاهيم الحفاظ على الطبيعة
  • عرش السلام أكبر قطعة فنية من نوعها في العالم

 

حاوره : محمد شمس الدين 

حينما نتحدَّث عن دولة الإمارات العربية المتحدة، فإننا نتحدثُ عن بصماتٍ من الإعجاز في مسارات وآدبيات التنمية المعاصرة، سواءً كان في مفهوم بناء الدولة برؤى حضارية تتجلى ساطعة أمام العالم بفضل رؤية وفلسفة قيادتها الرشيدة “حفظها الله تعالى”، أو في مفهوم العنصر البشري المواطن الذي وضعت تنمية مهاراته والارتقاء بمساهمته في بناء دولته ووطنه، في صدارة أولوياتها واهتماماتها وسخرت له قيادة الإمارات وشيوخها الكرام جل المقدرات، واليوم فإننا قد لا نستثني بقدر ما نسعى لرصد وتوثيق جل تجارب بل منجزات التنمية في تلك الدولة التي أبهرت العالم أجمع بديمومية نموها وازدهارها في مختلف قطاعات التنمية، وفي إطار رؤيتنا الشمولية لمفاهيم البناء، سوى أن نسلط الضوء على خارطة التحوّلات البنيوية في مضمار الفن والثقافة، إذ باتت الإمارات بوتقة حضارية وثقافية تُضاهي بمنجزاتها العالم، كيف لا وقد باتت الدولة مقراً لمتاحف عالمية الطراز كمتحف اللوفر الفرنسي الذي كان اختيار الإمارات من قبل دولة المنشأ فرنسا ليكون الفرع الخارجي لها ضمن مختلف دول العالم.

ولأن الفن التشكيلي بات يمثل رصد وتمازج بين التعبير الإنساني عن المواقف الملهمة والتحوّلات التي نراها في عموميات وتفاصيل حياتنا، ولأن ذاك الفن يخضع لسياقات ومنهجيات ومشارب ومدارس متعدّدة كالمدرسة السيريالية والمدرسة الانطباعية والمدرسة التجريدية، وغيرها من مدارس، فإننا لا شك سنقف تقديراً أمام بصماتٍ من الإنجاز والإبداع التي تمازجت معها ثقافة الفن التشكيلي ونداء الحفاظ على البيئة والتناغم مع مقدرات الطبيعة، وما وهبه خالق الكون “سبحانه وتعالى” من ثرواتٍ ومخزونٍ من الموارد الطبيعية هو لا شك قابل للتضاؤل ارتهاناً بمدى استهلاك الإنسان لتلك الموارد.

ولا شك في أن بصمات الإنجاز والإبداع الريادي التي حققها بجلاء ضيف وشخصية مجلة “استثمارات” الإماراتية، الشيخ علي عبداللـه راشد المعلا، كأول فنان تشكيلي في الإمارات والدول العربية، يمازج في مساراته الفكرية والفنية والإبداعية ما بين ترسيخ الفن التشكيلي، وإيصال رسالة للعالم مفادها أن الفن هو المعبرُ الأول والداعم للبيئة والحفاظ عليها. لذا كانت انطلاقة مسيرته الملهمة، ليفرد سطوراً جديدة في عالم الفن التشكيلي في منطقتنا العربية، ولنرى بديع أعماله الفنية الملهمة والتي تحمل رسالة مفادها أن الطبيعة ينبغي أن تظل كما هي؛ إن كان في مجسمات الشيخ علي عبداللـه المعلا، التي تتضمن  مدخلاتها العديد من مخلفات ونفايات الأشجار لتبعث رونقاً وروحاً وميلاداً لحياة جديدة، مراهناً بأن الإنسان بقدر حرصه على البيئة في دروبه الفنية يضمن بقاء تلك البيئة للأجيال المقبلة.

وقد كان حوارنا الشائق مع شخصية ملهمة وهو الشيخ علي المعلا في السطور التالية:

 

 

 

س / 1

نتحدث عن تجربة ريادية نرى فيها بصمات الإلهام في كافة أعمالك وتوجهك لمضمار، بل دروب لا متناهية من الفن التشكيلي.. نريد أن نُعرف القرَّاء على مسيرتكم ونبذة عن حياتكم؟

 

أتذكر أن اهتماماتي الفنية كانت منذ فترة طويلة، وقد كان شيء داخلي يرتبط بالرغبة في التعبير الفني عن كل ما حولي، إن كان ما هو محيط بي من البيئة أو الطبيعة التي نشأتُ فيها أو من خلال حتى المواقف التي أراها، حيث كان هناك شغف داخلي أن أحوّل تلك المواقف لصورة فنية قد تكون في البداية في خيالي، خاصة أن ذلك الشعور كان يعتريني من مرحلة الطفولة كتخيلات كنت أسعد بأن أسبح فيها، وصولاً لرسمي لاحقاً لصورة معبرة عما أراهُ، وتظل تلك الصورة معلقة في داخلي لفترة طويلة، وقد كانت البداية عندما طرقتُ باب فن الرسم فقد كان الرسم هو الانطلاقة الحقيقية لأي فنان لأنه أسهل الطرق تعبيراً عما يراهُ، فيما كان ميلي الأكثر في تلك المرحلة المبكرة هو الميل للأعمال الفنية أو بالأحرى اللوحات التجريدية، ثم تطوّر الأمر لكي أنقل مشاعري من خلال لوحاتٍ فنية ممزوجة بحرصي على تضمين نسق من الإبداع والابتكار، ولكن كان التحوّل الأكبر في مسيرتي هو تعلقي بتحويل الأشياء القديمة أو التي تم استهلاكها لقطع فنية مبتكرة، حيث كنتُ أجد في كل شيء قديم رسالة تناديني بأنني يمكن أن أخلق منه دورة حياة جديدة تفيد البشر، لذا بدأ الاهتمام بإعادة التدوير والاستدامة يتحوّل لزاوية وركيزة أساسية من أسلوبي الفني، حيث تأسس نهج لي في الفن التشكيلي لا يتوقف على درب تطوير مهاراتي.

 

س / 2

هل تخصّصتم في الفن التشكيلي كنسق علمي ودراسة منهجية؟

 

كانت بدايتي في الفن التشكيلي بسيطة ومستوحاة من حبي للتعبير الإبداعي والتجسيد الفني. لم يكن لديَّ تخصّص دراسي رسمي في الفن، ولكنني كنتُ أتعلم وأتطوّر من خلال التجارب الشخصية. كان هناك دائماً شغف داخلي يدفعني للتعبير عن أفكاري ومشاعري من خلال الفن. ومع مرور الوقت، قمت بتطوير مهاراتي وتعمقت في فهم الفن التشكيلي وتقنياته. فالفن بالنسبة لي هو وسيلة لإظهار الجمال والمنتج الجذاب وأيضاً للتعبير والتواصل، وأنا أستمتع بكل لحظة في عالم الفن التشكيلي. ولعلَّ هذا هو مكمن بل وقود الإبداع والحافز الذي يلازمني منذ الصغر وهو استمتاعي بممارسة الفن التشكيلي وتطرقي عبر مبادرات عملية فنية لأنماط ومدارس متباينة، تؤدي إلى ثراء في المنتوج الفني الذي أعتزُ به كثيراً وحصد إشادات واسعة إماراتية ودولية.

 

س / 3

حدثنا عن الرغبة الجارفة التي تحوّلت في مسارك الإبداعي والفني لكي تمازج بين أبجديات وممارسات الفن التشكيلي وبين الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية؟

 

أنا مهتم جداً بالحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية.. وهذا الاهتمام القوي دفعني لاستكشاف طرق إبداعية لإعادة التدوير وأيضاً إعادة استخدام الأشياء، حيث أصبح لديَّ رغبة شديدة في دمج الفن التشكيلي مع المفهوم البيئي للحفاظ على البيئة. من جانب آخر أحاول استخدام مواد قابلة لإعادة التدوير  وإعادة استخدامها في أعمالي الفنية أو لترقية استخدامها بشكل فيه اختلاف موضوعي جذري. أعتقد أن الفن يمكن أن يكون وسيلة فعالة للتوعية بأهمية الاستدامة وتشجيع الآخرين على العناية بالبيئة. هذا هو السبب في أنني أعتبر الفن التشكيلي والحفاظ على البيئة جزءاً لا يتجزأ من بعضهما البعض. ولعلنا إذا نظرنا حولنا لوجدنا الكثير والكثير من المفردات الجمالية من مظاهر الطبيعة حتى الأشياء التي انتهى عمرها الافتراضي وهي تبوح بصورة جمالية، وهنا يقع دور الفنان في أن يستنهض صورة جمالية قد ترتبط بوظائف مغايرة لتلك الأشياء حتى بعد انتهاء دورتها الحياتية أو عمرها الافتراضي.

 

س / 4

تتعدّد مدارس وأدبيات الفن التشكيلي كالمدرسة الواقعية والمدرسة الانطباعية والسيريالية والتجريدية.. هل الفنان الشيخ علي المعلا مقيد بمسارات مدرسة معينة؟ أم تُفضل أن تتحلى بسلاح المرونة والحرية في الانتقال ما بين مدرسة وأخرى ما دام شغف الإبداع يتملكك؟

 

أرغبُ دوماً في أن تكون لي مساحة فيها الحرية والمرونة في الانتقال بين مختلف المدارس الفنية، فضلاً عن العديد من الأساليب والتقنيات في أعمالي الفنية، مما يجعلني أتمتع بتنوّع وتعدّد في المنتج الفني. ويبدو أن هذا الشغف دفعني لاستكشاف وتجربة مختلف الأساليب والمدارس الفنية. فهو يجمع بين الحرية والتحدي وألبي في ذات الوقت، ما يرتسم في خيالي، ولا شك أننا في مرحلة زمنية تتغاير وتتباين فيها الفنون والثقافات والعلوم بتنوّع المستحدثات والتطوّرات المتسارعة في كافة مناحي الحياة، كما علينا أن نعي أمراً في غاية الأهمية، وهو أن البشر متمايزون بطبيعتهم ومختلفون سواءً في تفكيرهم أو توجهاتهم ومواقفهم التعبيرية عن الأشياء.. لذا فإن الانفتاح على التجارب والممارسات الفنية يُثري مسيرة الفنان التشكيلي.

 

س / 5

البيئة الإماراتية ملهمة بكل أطياف وقواميس الطبيعة التي حباها “الله تعالى”.. فهل ترعرعك في الإمارات ألهمك ذاك التعلق الجارف بالبيئة؟

 

لا شك أن هناك تأثيراً كبيراً للبيئة التي يحيا فيها الإنسان على رؤيته وثقافته ومن ثم على دروبه في الحياة-  إن كان في دروب الفن أو العمل بأنماطه الحياتية المختلفة – ونحن علينا أن ننظر لمحدّد رئيسي هنا يتعلق بخصوصية بيئة دولة الإمارات وهي التي أثرت عليَّ لاحقاً في معتقداتي الفنية، وهي أنه بقدر ثراء بيئة الإمارات بكافة نواحي الجمال والسكون، أن كانت أودية أو مرتفعات وجبال شاهقة أو كثبان رملية تُعد الأعلى والأجمل والأروع في العالم، فهي أثرت فيَّ كثيراً، ومكمن التأثير الكبير  والتحوّل في مسيرتي الفنية هنا، هو أنه على الرغم من سمات الجمال في البيئة والطبيعة الإماراتية الملهمة؛ إلا أنها تجابه مخاطر مناخية إن كان من ناحية شح الموارد الطبيعية كالمياه وضآلة ممكنات الحياة النباتية رغم تنوعها، وهذا خلق تحدياً كبيراً داخلي، وهو أنه يجب أن تؤسس رسالة الفنان التشكيلي ويستمد إلهامه من الحفاظ على البيئة واستدامة الموارد، والحمد لله تعالى بات جزءاً كبيراً من إنتاجي الفني يرتبط بتلك الرسالة التي أرى أنه ينبغي أن  تكون شعار كل الحكومات والأفراد في مختلف دول العالم بالأخص أن هدر الموارد الطبيعية والتغيرات المناخية تهدّد كافة دول العالم بلا استثناء.

 

س / 6

ما الذي يوجهك لإنجاز وإبداع عمل تشكيلي وفني جديد.. هل فكرة اقتبستها من موقف حدث أمامك؟

 

الشغف والإلهام هما ما يدفعانني لإبداع أعمال فنية جديدة.  فأنا لا أقتبس الأفكار من مواقف معينة، ولكن قد تساعد تلك المواقف في استحداثي فكرة جديدة وأقوم بتطويرها، عادة أستلهم الإلهام من حولي، مثل الطبيعة والثقافة والحياة اليومية. الفن يتيح لي التعبير عن أفكاري وقيمي، وأحب تجسيد الجمال والابتكار في أعمالي. ودائماً يكون هناك نوع من التحدي بعد الانتهاء من كل عمل فني وعرضه على الجمهور، وألاحظ في كل مرة ترقب ومتابعة للأعمال الجديدة.

س / 7

افتتحتُ مصنع  آردِكو منذ نحو 24 عاماً.. ولا شك أن كل فكرة مبدعة تتحوّل لمشروع في نهاية المطاف..  فكل المنتجات تستحوذ على شقٍ كبيرٍ من اهتمامات ومعدلات إقبال المستهلكين. وذكرت أنك تهدف لتحويل مصنعك إلى علامة تجارية عالمية لعشاق الفن.. هل يُعد ذلك أول مصنع من نوعه في الإمارات قائم على الموازنة بين القيم البيئية والعائد المادي الذي يُمثل ضمانة لاستمرارية أي مشروع؟

 

مصنع آردِكو يُعد مصنعاً مبتكراً في الإمارات يجمع بين القيم البيئية والاقتصادية. يهدف المصنع إلى تحويل فكرة الفن وإعادة التدوير إلى منتجاتٍ فنية فريدة وذات جودة عالية. إن التوازن بين الاهتمام بالبيئة وتحقيق العائد المادي يعتبر ضمانة لاستمرارية المشروع ونجاحه، والمصنع له جانبين في الإنتاج فهو يخدم تأثيث المنازل والمنشآت وما تحويه من أعمال ديكور ومنتجات ومجسمات خشبية بشكلٍ مباشر مع الملاك أو مع مكاتب التصميم الداخلي، والجانب الآخر هو إنتاج قطع فنية من تصميمي.  وأعتقد أن مصنع آردِكو يمثل نموذجاً رائعاً للمشاريع التجارية والصناعية التي تجمع بين الابتكار والاستدامة. كما أنني أتطلع إلى رؤية مستقبل مشرق لمصنع آردِكو  كعلامة تجارية عالمية لعشاق الفن والجودة.

 

س / 8

بجدارة وتقييم ذو مصداقية عالية.. تتربع دولة الإمارات على قائمة أكثر دول العالم دعماً للبيئة وصيانةً لها، فضلاً على التزاماتها عالمياً، والمشروعات الهائلة للحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية بما فيها مشاريع الطاقة المتجدّدة ووصولاً لإعادة التدوير.. هل نستطيع أن نؤكد أن فلسفة ورؤية القيادة الرشيدة هي كلمة السر في كل تلك الإنجازات؟ وهل من كلمة شكر تود توجيهها لقيادة دولة الإمارات الرشيدة مع التزاماتها ودعمها اللامحدود للبيئة؟

 

بالتأكيد.. لا شك في أن فلسفة ورؤية القيادة الرشيدة في الإمارات تلعب دوراً حاسماً في تحقيق هذه الإنجازات الرائعة في دعم البيئة وصيانتها، وذلك بالتوجيهات المستمرة لقيادتنا الرشيدة “حفظها الله تعالى”، والتي بدورها تعود لصالح المواطن والمقيم في هذه الدولة. قدوة القيادة الرشيدة واهتمامها الكبير بالاستدامة والحفاظ على الموارد الطبيعية يعكسان التزام الدولة على المستوى العالمي. وكذلك المشروعات الهائلة للحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية، بما في ذلك مشاريع الطاقة المتجدّدة وإعادة التدوير، هي نتاج رؤية القيادة الرشيدة وجهودها المستمرة لتحقيق التنمية المستدامة. وعلينا أن نتذكر دائماً أن دولة الإمارات باتت من الدول الريادية في العالم في مجالات الطاقة الخضراء بل استثماراتها تغرد دعماً ومؤازرة لكثير من الدول النامية في مشاريع الطاقة المتجدّدة ولدينا مبادرة مثل “مدينة مصدر الإماراتية”، التي تُعد أول مدينة في العالم خالية من الانبعاثات الكربونية. وكذلك لنرى على سبيل المثال قسط وافر من المساعدات التي يقدمها “صندوق أبوظبي للتنمية”، والتي تتوجّه لإقامة مشاريع للحفاظ على الموارد الطبيعية في تلك الدول.

وهنا أود أن أوجه كلمة شكر خاصة لقيادة دولة الإمارات الرشيدة على التزامها الراسخ ودعمها اللامحدود للبيئة. الإمارات دولة رائدة في مجال الاستدامة والحفاظ على الموارد الطبيعية. فشكراً للقيادة الرشيدة على جهودها المستمرة في تحقيق التنمية المستدامة وصون البيئة للأجيال القادمة وكل ذلك يصب في مصلحة الشعب. نحن فخورون بما تحققه الإمارات في هذا المجال، ونستذكر قيم وفلسفة رجل البيئة الأول على مستوى العالم أجمع، والدنا المغفور له “بإذن الله تعالى”، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس الدولة “طيب الله ثراه”، وأخوانه الشيوخ والحكام المؤسسون. وهذا النهج الحكيم صار عليه خير خلف لخير سلف، صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة “حفظه الله تعالى”، وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي “رعاه الله تعالى”، وإخوانهما حكام وشيوخ دولة الإمارات العربية المتحدة.

 

س / 10

ماذا تشعر وأنت جالسُ في حديقة منزلك وكل شيء محاط حولك بمنتجات أُعيد تدويرها من مخلفات طبيعية ونباتية؟.. هل تشعر أنك أنجزت شيئاً يستلهم الطبيعة المستدامة؟

 

شعورٌ مريحٌ جداً ورائعٌ.. فأنا أرى في الحديقة لوحتي الفنية الأكبر.. الحديقة متنفس لكل من يريد الاستمتاع بوقت شائقٍ ومكانٍ للاسترخاء، فهي مزيجٌ رائعٌ من النمط الطبيعي، وكأنها غابة مستصلحة  وبمعايير هندسية في الأبعاد والمساحات والمواضع.. فهي رائعة بمظهرها المدهش الذي يجمع بين الجمال الطبيعي والتصميم الهندسي، حيث تتميز بالجلسات الطبيعية والتي أغلبها من إعادة تدوير الجذوع وبقايا الأشجار، ولكن بطريقة فنية فريدة، وكل جلسة لها طابعها الخاص والمميز، هذا المزيج المدهش يُعطي الحديقة شعوراً فريداً ومتجانساً بين الطبيعة والتصميم، فضلاً عن ذلك فهناك إحساسٌ بأنك قريب من الطبيعة بكل مفرداتهاـ وحينما يكون إنتاجي الفني هو من مواد إعادة التدوير، هذا يخلق لديَّ إحساسٌ بأنني استطعتُ خلق حياةٍ جديدةٍ “بفضل الله تعالى”، ويشعرني بالرضا عما أفعل من عمل ليس قطعة استهلاكية في المنزل فقط بل عمل ومبادرة خلقت حياةً جديدة.

وبخصوص تلك الحديقة التي تستحوذ على قسطٍ وافرٍ من حياتي، فإنه بفضل الله تعالى، تم تكريمي وحصادي لجائزة أجمل حديقة منزلية.

س / 11

أفردتُ في مساراتك الإبداعية والمهنية مفهوماً جديداً من العلاقات ما بين الإنسان والطبيعة لكي يحدونا أن نطلق عليك لقب صديق البيئة؟ هل أنت تتقبل ذلك الوصف وتحديداً هل تشعر به؟ وماذا حققت لك تلك الصداقة؟ وهل حققت رضا وتناغماً نفسياً وإن كان بعيداً عن مفهوم “المادية” التي باتت المحرك لكافة النوازع البشرية في حياتنا المعاصرة؟

في حقيقة الأمر أنا سعيدٌ بذلك اللقب كونه صادف الصواب.. وهذا شعورٌ يعتريني أو لنقل إنها علاقة خاصة بيني كفنان تشكيلي وبين الطبيعة المحيطة، فهذا أمرٌ يؤسس على الرغبة في الحفاظ على الطبيعة والبيئة، وأعتبر أن ذلك اللقب هو أكبر تقدير حصلتُ عليه طيلة سنوات عملي كفنان تشكيلي، وذلك لأهمية الطبيعة في حياتنا، ولننظر لميزانيات هائلة توجهها الدول والمجتمعات والمؤسسات العالمية للحفاظ على الطبيعة، وحينما أتفرد وأستلهم علاقة متوازنة بين اهتماماتي كفنان تشكيلي، وبين قيم ومفاهيم الحفاظ على الطبيعة، فهذا يسعدني كثيراً ويجعلني أشعر بالفخر.

 

س / 12

حرصتُ على أن لا ينعقد أكبر مؤتمر للمناخ والبيئة على وجه الأرض وهو مؤتمر الإمارات “كوب 28” على أرض بلدك الإمارات إلا ولك مساهمة تحمل رسالةً للعالم أجمع وهي “عرش السلام”، والتي نالت تغطيات عالمية متعدّدة، بقدر قوة ذلك الإنجاز والحدث العالمي.. هل بالإمكان إطلاعنا على مغزى الرسالة من ذلك العمل الذي حققته؟ وماذا تريد أن تقول للعالم؟

 

“‏عرش السلام” هو أكبر قطعة فنية من نوعها في العالم، وقد حرصتُ أن أنتهي من تنفيذها وإنجازها قبل مؤتمر الأطراف “كوب 28″، ليتسنى لي المشاركة والتي تعتبر عالمية المستوى والحدث والدلالات المستلهمة.

‏و”بفضل الله تعالى”، نتج عن تلك المشاركة بـ”عرش السلام”، موفورٌ وصدى إعلاميُّ كبيرٌ على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي، ويعتبر “عرش السلام” قطعة فنية على شكل كرسي كبير مصنوع بشكل أساسي من جذع شجرة والمكملات الأخرى والشجرة تم استيرادها ونقلها عبر مراحل متعدّدة من إندونيسيا وهي تعتبر غابة مطيرة وأكثر الأماكن ازدهاراً بالحياة النباتية على وجه الأرض وفي ذات الوقت تجابه تحديات مناخية كما نرى تلك التحديات ماثلة في العديد من دول العالم.

وفي حقيقة الأمر هناك رسالتين أردتُ بعثهما للعالم أجمع وتحديداً خلال استضافة بلدي الإمارات لأكبر مؤتمر عالمي للمناخ على وجه الأرض وهو مؤتمر “كوب 28”.. تتمثل الرسالة الأولى في ضرورة الاستفادة من إعادة التدوير وترقية التدوير من المواد المستهلكة الطبيعية وتوظيفها بما ينفع بشكل عملي أو كمنظر جميل لقطعة فنية مميزة، فيما تهدف الرسالة الثانية لضرورة الخروج من التلوث والانتقال إلى بيئة نظيفة، حيث يدل الشكل على مقاومة التلوث، وبروز العرش وكأنه يتخلص من بقعة التلوث العملاق.  فهذه الشجرة الميتة قد قرّرت أن تعيش مرةً أخرى، ولكن بشكل آخر ومميز وجذاب لتحكي لنا تاريخ العقود السابقة وتخبرنا بالجمال الماثل.

س / 13

حدثنا عن تفاصيل إنجاز عملك “عرش السلام”.. ولماذا أطلقتُ عليه لقب عرش وليس لقب شجرة وهو بالفعل شجرة؟

 

يتمحور تصميم هذه القطعة الفنية والتي تعتبر الأكبر من نوعها في العالم حول تفاصيلها الفريدة وهيكلها الكبير الذي يعود لشجرة عمرها 150 عاماً، حيث تم نقلها كما قلت لك مسبقاً من جزيرة جاوة (إندونيسيا) إلى دولة الإمارات بعدها تم تكوين فريق عمل يضم 9 فنيين ذوو خبرة في مجال (الحدادة – النحت – الفايبر جلاس – الصبغ) لإخراجها كقطعة فنية مبهرة وذلك بعد قضاء 15,000 ساعة تشغيلية في عملية إعادة التدوير لتضرب مثلاً رائعاً في الاستدامة لبقايا الأشجار، فهي تحكي حياة الطبيعة والزمن الذي مرَّ عليها.. فقد قرَّرت هذه الشجرة أن تعيش حياةً جديدةً كقطعةٍ فنيةٍ مذهلةٍ لتتحوّل إلى عرشٍ يجسّدُ جمال الطبيعة والثبات والاستقرار مع الاحتفاظ بالتفاصيل الطبيعية والنمط الفريد للون وشكل العروق ليكون رمزاً للقوة والصمود في وجه التحوّلات والمتغيرات، وقد ساعد شكل التفاف فروع الجذور في تجسيد شعور الاحتواء والأمان والسلام أينما وضع. تم تزويد هذه القطعة الفنية بعجلات للحركة وبرافعة هيدروليك مثبتة في جوف القطعة لحركة الانخفاض والارتفاع لسهولة الشحن والتنقل، وسبب تسمية هذه القطعة الفنية بعرش السلام، كما ذكرتُ سابقاً عن إحساس الأمان والسلام، وذلك بفضل الشكل والأطراف الطبيعية للجذع والتي تحتوي من يجلس على هذا العرش إضافة إلى ارتباط مصطلح السلام بدولة الإمارات، حيث إن الإمارات هي دولة التعايش ودولة السلام.

س / 14

هل جابهتك تحديات في سبيل إنجاز ذلك المشروع العالمي؟

 

بالطبع!.. لتحقيق مشروع عالمي بهذا الحجم؛ كان هناك تحدياتٍ كبيرةٍ واجهتنا، من أهمها التحديات اللوجستية والتنظيمية، حيث كان علينا تنسيق العديد من الجوانب المختلفة مثل النقل  والتجهيزات اللازمة وتنفيذ الاشتراطات بالمعايير العالمية. كما كان هناك تحديات في جذب الاهتمام العالمي والحصول على تغطية إعلامية واسعة للحدث. وبالطبع، كان هناك تحديات في تحقيق الرؤية والرسالة التي نود إيصالها للعالم. ولكن بفضل الله تعالى أولاً ثم  العمل الجماعي والتعاون القوي، تم التغلب على هذه التحديات وتحقيق نجاح كبير في إيصال رسالتنا للعالم.

 

 

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد