كورونا .. سودانيون عالقون في مصر يطالبون بالعودة والخرطوم تصر على الرفض رغم سوء أوضاعهم

تقطعت السبل بالمئات من المواطنين السودانيين العالقين في مصر بعد قرار الخرطوم رفض عودتهم إثر إغلاق المعابر والحدود والمطارات أمام العائدين من الخارج، حيث يشهد العالم استمرار تفشي فيروس كورونا المستجد المعروف بـ«كوفيدـ19».

وأعربت المنظمة العربية لحقوق الإنسان عن قلقها لرفض السلطات السودانية السماح لمواطنيها العالقين في مصر بالعودة إلى بلادهم في سياق سياسة الإغلاق التام التي تنتهجها، وهو ما أدى لبقاء المئات منهم على الحدود داخل الأراضي المصرية في ظل أوضاع صحية ومعيشية متدهورة.

 وقالت المنظمة في بيان لها، إنها تابعت الأوضاع غير الإنسانية التي يعانيها مئات من السودانيين العالقين في مصر، حيث بدأ نحو 1900 سوداني (بعضهم عائدون من رحلة علاج) يوم 17 مارس الماضي إجراءات العودة عبر الحدود البرية «معبر أرقين» مستقلين عدداً من الحافلات، وفور وصولهم محافظة أسوان علموا بإغلاق المعبر الحدودي بين السودان ومصر، في إطار الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الحكومة السودانية لمواجهة انتشار فيروس كورونا.وكانت السودان قد قررت تعليق الرحلات الجوية وإغلاق الحدود مع عدد من الدول من بينها مصر.

وأضافت المنظمة أن السفارة السودانية في القاهرة طلبت من العالقين البقاء في مصر لحين فتح المعبر مع توفير نفقاتهم المعيشية، إلا أن تلك الوعود لم تكن كافية، ورصدت المنظمة عودة بعض العالقين إلى القاهرة وتنظيم وقفة احتجاجية أمام السفارة وكذلك وقفة لذويهم أمام مبنى الحكومة في السودان.

وناشدت المنظمة مجلس السيادة السوداني والحكومة السودانية التدخل العاجل لاتخاذ الإجراءات اللازمة والطارئة لعودة المواطنين العالقين منذ أكثر من 20 يوماً إلى بلدهم في أقرب وقت مع الأخذ في الاعتبار أوضاعهم الصعبة.

معاناة العالقين في مصر يرويها حسن إبراهيم الذي وصل القاهرة نهاية يناير الماضي مرافقاً لعمه الذي خضع لعملية جراحية، ويقول لـ«الرؤية»، إنه رافق عمه في رحلة العودة إلى السودان بعد تأكيد القائم بأعمال السفير في القاهرة بأن الحدود مفتوحة.

وأوضح أنه فوجئ عند وصوله منطقة السباعية في أسوان بأن الطريق مغلق وأن الحدود مغلقة، ما تسبب في صدمة كبيرة له والآخرين، مؤكداً أن عددهم يتراوح بين 1500 إلى 1600 عالق، وأنه لم يعد يملك المال للإنفاق على المعيشة أو السكن: «سيدة مسنة من العالقين توفاها الله بعد عودتنا مرة أخرى إلى القاهرة، والوضع صعب ومؤلم».

في المقابل، يرى الناطق الرسمي للجبهة الثورية بالسودان والقيادي في تحالف الحرية والتغيير محمد سيد أحمد سر الختم، أنه لا يمكن عودة هؤلاء العالقين في الوقت الحالي، خاصة أن الحكومة قررت إغلاق الحدود والمعابر لمجابهة وباء كورونا.

وقال في تصريحات لـ«الرؤية»، إن العالقين في مصر هم من كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة وظروفهم المالية صعبة، وأن على حكومة الخرطوم التكفل بتوفير السكن المناسب لهم في مصر، وكذلك أن توفر لهم سبل المعيشة، مشيراً إلى أن الحكومة قررت بالفعل إرسال 100 ألف دولار للسفارة السودانية في القاهرة للإنفاق على هؤلاء لحين زوال خطر الفيروس.

لكن إبراهيم يقول إنه لم يحصل من السفارة إلا على مبلغ 1000 جنيه مصري «63 دولاراً»، وأنه و4 آخرين استأجروا شقة في القاهرة بـ3 آلاف جنيه لمدة شهر، متسائلاً: هل تكفي الألف جنيه المتبقية نفقاتنا لحين زوال الخطر.

وطالب الحكومة السودانية أن تجد حلاً لمشكلة هؤلاء العالقين وعودتهم إلى بيوتهم في السودان بدلاً من تركهم في هذه الظروف الصعبة: «فيه ناس مرضى ليس لديهم أموال للحصول على العلاج، والسفارة لم تهتم بنا».

معاناة أخرى ترويها ميرفت محمد عثمان التي رافقت والدها في رحلته العلاجية بغرض الاستشفاء من التهاب الغدد اللمفاوية، حتى تماثل للشفاء، لكن حالته الصحية تدهورت بسبب الانتظار لمدة 3 أيام في منطقة السباعية قبل معبر إرقين البري في محافظة أسوان.

وقالت ميرفت لـ«الرؤية»، إن والدها تماثل للشفاء لكن خلال فترة بقائهم في السباعية ساءت حالته وتم تشخيص مرضه بفشل كلوي استدعى عودته إلى القاهرة لتلقي العلاج في أحد المستشفيات المتخصصة، واتفقت مع رواية إبراهيم في مسألة الحصول على 1000 جنيه لكل فرد من العالقين.

وطالبت حكومة بلادها بالنظر إلى أوضاعهم الصعبة والسماح لهم بالعودة على الرغم من مشقة الطريق، لافتة إلى ضرورة إبلاغهم بالقرار قبلها بوقت كافٍ حتى تستطيع ترتيب أمورها واصطحاب والدها (79عاماً) إلى الوطن.

لكن سر الختم، يؤكد أنه لا يمكن عودة هؤلاء العالقين في الوقت الحالي، لأن عدد الحالات المصابة بالفيروس المميت في السودان بلغ 14 حالة، منها 12 حالة بين العائدين من الخارج، لافتاً لضرورة بقاء كل مواطن سوداني في البلد الذي يتواجد فيه لحين انتهاء خطر جائحة كورونا.

وأضاف أن القنصل المصري في السودان التقى رئيس مجلس السيادة السوداني عبدالفتاح البرهان لبحث هذه الأزمة، لكن اللجنة الصحية شددت على ضرورة تطبيق قرار إغلاق الحدود والمعبر حفاظاً على حياة السودانيين.

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد