“مجلة استثمارات الإماراتية” تقرع أبواب المسكوت عنه :- هل يشهد المستقبل تأسيس مجلس تعاون اقتصادي لبلدان شمال إفريقيا ؟؟

أجرت الاستطلاع /  رباب سعيد :  مراسلة “مجلة استثمارات الإماراتية” لشؤون مصر وشمال أفريقيا

أبوظبي – القاهرة

 

أكد استطلاع أثارته وأجرته مؤخراً  “مجلة استثمارات الإماراتية”، مع عدد من الخبراء والباحثين حول جدوى تأسيس منظمة تعاون اقتصادي بين دول شمال إفريقيا  واستخلص مؤشرات أولية مفادها  عدم الإفراط في التوقعات في ذلك الصدد، بالأخص  على الصعيدين الراهن والقصير الأمد مؤكدين على أهمية خلق كيان مؤسسي لتعزيز التعاون الاقتصادي بين دول شمال إفريقيا ولكن يشترط ارضية من تحقيق التقارب السياسي والقضاء على الملفات الأمنية الشائكة الراهنة.

معطيات ومعوقات

وأرجع الخبراء صعوبة الارتقاء بوتيرة التعاون الاقتصادي في المرحلة الراهنة سواء أخذت شكل مؤسسة كإنشاء مظلة إقليمية على غرار التجربة الناجحة لدول مجلس التعاون الخليجي أو على صعيد تعزيز المبادلات التجارية والاستثمارية وإقامة المشاريع المشتركة، وذلك لعدة معطيات مؤثرة عالمية وإقليمية  ومحلية، لتصبح رؤى الخبراء بالغة الأهمية  خاصة عندما  تسود المنطقة حالة من عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي  والإيدلوجي وفي المحصلة عدم الاستقرار الأمنى … والتي تنعكس بالتالي على التنبؤات الاقتصادية على مدار العقد الماضي والحاضر. بالأخص في ليبيا التي تقع في خاصرة دول شمال إفريقيا. وتهدد جنوب إوروبا بتصدير موجهات من الهجرة غير الشرعية.

ويرى  الخبراء المشاركين في الاستطلاع،  أن  هناك صعوبات مزمنة  تراكمت عبر العصور الماضية تحول و إيجاد خطط موحدة  لدول شمال إفريقيا على مختلف الأصعدة  في ظل الأوضاع الحالية التي يسودها عدم اليقين سواء على الصعيد العالمي أو الإقليمي، فإن الحصول على أكثر التنبؤات دقة يكتسب أهمية من أي وقت مضى.

إمكانيات الشراكة المؤسسية

وفى هذا الصدد،  وعبر نبرة من التشاؤم،   يرى الخبير السياسي الجزائري والباحث في الشؤون الاستراتيجية / وحيد بو طريق في تصريحه لـ”مجلة استثمارات الاماراتية”، أن دول شمال افريقيا غير منسجمين سياسيا واقتصاديا وعسكريا  بسبب عدم توحيد دول  شمال افريقيا  فى كتلة  استراتيجية  واحدة ويرجع هذا إلى مخلفات حقبة ماضية من تواجد القوى الكبرى في منطقة الشمال الإفريقي  بما فيها خلق تناقضات في رؤى ومسارات التنمية أجهضت مساعي دول المنطقة لتحقيق التقدم الاقتصادي الذي تشهده العديد من دول العالم المعاصرة

لكن من ناحية أخرى فإن المحلل الجزائري/  وحيد بوطريق لم يترك المجال كثيراً لنبرة التشآوم، حيث يرى أن الصورة ليست قاتمة تماماً في جهود التطور الاقتصادي لدول الشمال الأفريقي مشيراً لوجود تجارب ناجحة مردها لوجود قيادات حكيمة التفت حولهم شعوب دولهم واستطاعت تلك الدول ان تحقق قفزة في مسيرة التطور الاقتصادي.

بؤر التنمية المتوترة  

ويرى وحيد بوطريق، أن تونس تعيش أزمة طاحنة بسبب التدخلات الخارجية السلبية والضغوطات والمساومات الدولية، خاصة بعد  أزمة كرونا والتى اثرت على الإقتصاد  التونسي  الذي كان يعتمد في المقام الأول على قطاع السياحة حيث تمتد الإراضي الليبية، عبر الحدود التونسية، إذ كانت تونس تمثل جارة اقتصادية هامة في كافة مجالات الاقتصاد والمبادلات التجارية مع ليبيا، وبالتبعية فإن الأزمة التي تعاني منها ليبيا منذ اندلاع ما يسمى بأحداث الربيع العربي ألقت بظلالها القاتمة على الاقتصاد التونسي الذي ليس لديه موارد بترولية أو غازية

مشيرا إلى صندوق النقد الدولى الذى يمارس ضغوطات على  الإقتصاد التونسي الذي لم يتعافى بعد ..بجانب النظام العالمى الذي  أدخل بعض الدول العربية بأزمة قلبية،  كل هذا اثرى وترك الوضع على  ما هو عليه ..ولولا هذا الشعب الأبي الواعى المثقف المخلوق المتحضر كانت تونس فى حرب اهلية ثانية …ولكن شعبها ترك تونس تعيش بأمان رغم الازمة الاقتصادية الخانقة التى تمر بها.

فيما يرى أنه بالنظر للمجريات في ليبيا فهي تبدو بالغة الأهمية،  نظراً لانعكاساتها ليست على دول شمال إفريقيا فقط ولكن على الصعيد الإقليمي، وأيضاً العالمي معرباً عن تمنياته للأشقاء في ليبيا أن يوحدوا صفوفهم وينهضووا من جديد لخدمة للشعب الليبي الأبي.. قائلاً لا ننسي ان ليبيا دولة غنية خاصة بالبترول والغاز كذالك الموقع الاستراتيجى المهم لذى هى اليوم محل صراع وأطماع لكثير من الدول.

 الشراكة الاقتصادية

وفيما يخص مجلس التعاون الاقتصادي  المشترك بين دول شمال افريقيا، استبعد الباحث الجزائري في الشؤون الاستراتيجية وحيد بوطريق ذلك المقترح لمعطيات كتيرة، ولكنه توقع مع حدوث تغيرات في خارطة النظام العالمي متعدد الاقطاب المقبل قد يدفع ذلك بلدان الشمال الإفريقي لتأسيس مظلة مؤسسية للشراكة الاقتصادية قد تمتد إليها بعض بلدان الساحل الأفريقي.

مقومات  التنمية الإقتصادية لدول شمال إفريقيا

 فى هذا الشأن يقول حاتم عبد القادر رئيس تحرير جريدة العربي الإفريقي في تصريحه لـ” مجلة استثمارات الإماراتية” أن  دول شمال أفريقيا تتمتع بالعديد من مقومات التنمية الاقتصادية، من حيث العنصر البشري وكذلك الثروات الطبيعية من الغاز والنفط والمعادن والتي تعد مدخلات رئيسة في كل الصناعات التي تحقق تلك التنمية. وما يضاعف فرص النمو الاقتصادي لتلك الدول هو موقعها الاستراتيجي، حيث حدودها مع قارتي آسيا وأوروبا؛ مما يزيد من فتح أسواق تجارية متجددة طوال الوقت.

واستطرد حاتم عبد القادر أن منطقة شمال أفريقيا تتمتع بأكبر حزام من خام الفوسفات الذي يستخدم في صناعات الأسمدة والأدوية، وله أهمية بالغة في مثل تلك الصناعات، وكذلك عنصر اليورانيوم الذي يستخدم في صناعة محطات الوقود النووي، كما يستخدم في صناعة السلاح النووي أيضا، وطبعا تتوفر بكثرة ثروات الغاز الطبيعي والنفط الذي يدر عائدا وفيرا، وكذلك الثروات المعدنية مثل الحديد والنحاس الألومنيوم والكوبلت والمنجنيز وغيرها من المعادن الأخرى، إلا أن مشكلة تلك الدول أنها مازالت لا تملك المعرفة الخاصة بتصنيع تلك الثروات وتعتمد على تصديرها كمادة خام للدول الصناعية الكبرى.

ولا شك أن دول الشمال الأفريقي تعاني جميعها من أوضاع سياسية متوترة أثرت تأثيرا كبيرا على مسارات التنمية الاقتصادية خاصة بعد أحداث ٢٥ يناير ٢٠١١ والتي مازالت آثارها ممتدة إلى اليوم.

الجماعات الإرهابية وتاثيرها على الاستقرار الاقتصادي ..

وفى هذا الصدد يؤكد حاتم عبد القادر،  أن ملف الإرهاب كلف تلك الدول ميزانيات هائلة لمواجهة التنظيمات الإرهابية التي هددت الاستقرار السياسي والاقتصادي، وهنا نذكر مصر وليبيا وتونس، فقد عانت تلك الدول من العمليات الإرهابية التي كانت من الأسباب الرئيسة لمعوقات التنمية الاقتصادية. وبنظرة فاحصة إلى أوضاع تلك الدول نجد أن مصر هي الدولة التي تمكنت من المضي قدما لتحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي الذي تشهده البلاد، وبالأخص منذ إزاحة حكم تنظيم الإخوان في العام ٢٠١٣.

وفيما يتعلق بالشأن الليبي يرى حاتم عبد القادر أن الأوضاع الأوضاع لا تنذر بقيام دولة حقيقية متكاملة الأركان، فلا يزال الصراع قائما بين الفرقاء الليبيين حتى اللحظة. قائلاً : إذا تذكرنا الحالة التي أرادت دول المغرب العربي الخمسة (ليبيا، الجزائر، تونس، المغرب، موريتانيا) تأسيسها اتحاد المغرب العربي في عام ١٩٨٩؛ بهدف صناعة قوة سياسية واقتصادية وازنة في المنطقة وتوظيف الموارد الاقتصادية التي تتمتع بها دول هذا الاتحاد، وقد قطعوا مشوارا في هذا الاتحاد، إلا أنه لم يستمر ولم يكتب له النجاح، كحال كل الاتحادات العربية التي تم تصفيتها.

أن الأوان لتشكيل تكتل اقتصادى لدول شمال إفريقيا

وفى هذا السياق أشار عبد القادر إلى أنه برزت على الساحة العديد من الأزمات السياسية التي أثرت بالطبع على الأوضاع الاقتصادية في تلك المنطقة، ولعل آخر تلك الأزمات الحرب الروسية الأوكرانية التي ألقت بظلالها على المنطقة العربية والإفريقية قاطبة، خاصة فيما يتعلق بملف الحبوب.

وإختتم  قائلا أنه آن الأوان لدول الشمال الأفريقي التفكير في تحالف اقتصادي يزيد من القوة الاقتصادية لتلك الدول التي تتمتع بموقع جغرافي فريد من نوعه، وبثروات طبيعية وبشرية يجب توظيفها في مسارات التنمية الاقتصادية المختلفة.

دول شمال افريقيا بين المصالح المتفرقة…. والحروب الدبلوماسية والاقتصادية

فى هذا السياق يرى  الخبير الاقتصادي / رضا مسلم .. المدير الشريك بشركة تروث للاستشارات الاقتصادية في أبوظبي،  أن دول شمال افريقيا تحولت إلى ساحة حرب دبلوماسية واقتصادية و إلى مصالح متفرقة، وسط  الأزمات التى يعيشها دول الاتحاد الأوروبي بجانب روسيا والحرب  الاكرانية  ومع شدة الأزمات انتشر  “القوى العالمية” من فرنسا إلى إسبانيا وألمانيا وبريطانيا وروسيا، وصولا إلى قطبي الأرض، الولايات المتحدة الأمريكية المدججة بأسلحتها واقتصادها، والصين التي تمتلك ناصية التكنولوجيا . هؤلاء  فرقتهم المصالح فراحوا باحثين عن مناطق نفوذ حيث اصبحت الوجهة هي القارة الإفريقية، واستثمارات  “مشرذمة يعيشها شمالها في منطقة شمال افريقيا ودول “المغرب العربي” المثقل بالحسابات المعقدة، والغني بالبترول والغاز، فما عاد يحمل من إسم الاتحاد والأسس التي بني عليها عام 1989 بمراكش إلا الصفة.

بوصلة المصالح الاقتصادية

واضاف الخبير الاقتصادي/ رضا مسلم أنه بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية بدأت دول أوروبا الغربية تتحسس مشكلتها الاقتصادية خاصة ما يرتبط بالغاز، وبالتالي بدأت تبحث عن بديل قريب جغرافياً، وكان بديل بعض الدول الأوروبية هو الغاز الجزائري، رغم أن إنتاجية الجزائر لا تقارن بنسبة إنتاج روسيا للغاز، فإن كل الأعين الأوروبية اتجهت لهذه الدولة الشمال إفريقية لتعويض العجز من عواصم بلدان شمال أفريقيا من القاهرة مرورا بطرابلس، والجزائر، ثم المغرب. من ثم مد جسر التوسع في شمال القارة وغربها وعمقها عبر تثبيت الأقدام العسكرية والأمنية وما تجر وراءها من مصالح اقتصادية في ظل حالة الاستقطاب الدولي الذي يميز عالم اليوم، إذا ما اعتبر عالما متغير متجدد، رسمت معالمه الحرب الروسية الأوكرانية وتداعياتها الاقتصادية.

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد