مصر وتركيا تقارب يعزز المصالحة وزيارة مرتقبة للرئيس السيسي إلي أنقرة

عقب سنوات من القطيعة تتجه القاهرة وأنقرة بخطى متسارعة نحو ترسيخ العلاقات بين البلدين، حيث من المنتظر أن يزور وزير الخارجية المصري، سامح شكري، تركيا، نهاية الأسبوع الحالي، وفق مصادر مطلعة، ما عده خبراء «تمهيداً لزيارة مرتقبة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى أنقرة»، سبق أن أعُلن عنها.

وقالت مصادر دبلوماسية تركية، الثلاثاء، حسب ما نقلته وكالة «رويترز»، إن «شكري سيزور أنقرة خلال أيام وسيبحث مع نظيره التركي هاكان فيدان التطورات في الشرق الأوسط والأوضاع في غزة»، كما «سيستعرض الوزيران أحدث التطورات المتعلقة بالمفاوضات الرامية لوقف إطلاق النار في غزة». ونقلت صحيفة «الزمان» التركية عن مصادر دبلوماسية أن «غزة ستكون الموضوع الرئيسي على أجندة الوزيرين شكري وفيدان».

وبينما لم يصدر تأكيدٌ من وزارة الخارجية المصرية بشأن الزيارة، ذكرت قناة «القاهرة الإخبارية» عن مراسلها في تركيا قوله إن «شكري سيزور تركيا نهاية الأسبوع الحالي ويلتقي فيدان».

وتعد هذه هي الزيارة الثانية لوزير الخارجية المصري إلى تركيا منذ استعادة العلاقات بين البلدين، حيث كانت الأولى خلال حادث زلزال فبراير (شباط) 2023.

وفي الوقت الذي أشارت فيه المصادر التركية إلى أن المباحثات بين وزيري الخارجية المصري والتركي ستركز على غزة، قال الباحث بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، بشير عبد الفتاح، لـ«الشرق الأوسط»، إن «زيارة شكري لأنقرة تستهدف في الأساس الترتيب لزيارة مرتقبة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لتركيا، وتحديد أجندة اللقاء وما ستشهده من تعاون تجاري وسياسي بين البلدين»، موضحاً أنها «تأتي في إطار ترسيخ العلاقات بين البلدين بعد سنوات طويلة من القطيعة».

واتفق معه الخبير بالشأن التركي في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، كرم سعيد، وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «جزءاً من زيارة شكري سيركز على التحضير لزيارة السيسي المرتقبة، والاتفاق على جدول أعمال القمة المصرية-التركية، ووضع النقاط على الحروف بشأن القضايا محل النقاش بين البلدين».

وفي فبراير (شباط) الماضي، استقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، نظيره التركي رجب طيب إردوغان، في القاهرة، في زيارة هي الأولى من نوعها منذ أكثر من 11 عاماً، عدها مراقبون «نقلةً نوعيةً في العلاقات بين البلدين تدفع نحو تعزيز مسار التطبيع».

وقال الرئيس المصري، في مؤتمر صحافي بقصر الاتحادية الرئاسي، مع نظيره التركي، إن «الزيارة تفتح صفحةً جديدةً بين بلدينا بما يثري علاقاتنا الثنائية، ويضعها على مسارها الصحيح»، معرباً عن «تطلعه لتلبية دعوة إردوغان لزيارة تركيا في أبريل (نيسان) المقبل، لمواصلة العمل على ترفيع علاقات البلدين في شتى المجالات بما يتناسب مع تاريخهما وإرثهما الحضاري المشترك».

وشهدت العلاقات المصرية – التركية خلال الأشهر الماضية اتجاهاً متصاعداً نحو التطبيع، بعد عقد كامل من الانقطاع والتوتر، بسبب دعم أنقرة تنظيم «الإخوان» المحظور في مصر، عقب ثورة 30 يونيو (حزيران) 2013. وتسارع مسار التطبيع منذ مصافحة إردوغان والسيسي خلال افتتاح مونديال كأس العالم في قطر عام 2022.

وأعلن البلدان في يوليو (تموز) الماضي ترفيع العلاقات الدبلوماسية بينهما إلى مستوى السفراء، والتقى رئيسا البلدين مرتين خلال العام الماضي على هامش أحداث دولية، كما التقى وزراء ومسؤولون بارزون في البلدين مرات عدة.

وأكد عبد الفتاح أن «العلاقات المصرية – التركية تسير في خط مستقيم نحو التطوير، والعودة لوضع أفضل مما كانت عليه في السابق»، مشيراً إلى أن «تعزيز التقارب يصب في صالح البلدين، كما يسهم في تسوية النزاعات في الإقليم».

بدوره، أشار سعيد إلى أن «زيارة شكري تأتي استكمالاً لمسار تعزيز العلاقات بين البلدين، لا سيما على الصعيد الاقتصادي الذي يعد محوراً أساسياً لم يتأثر حتى طوال سنوات القطيعة»، لافتاً إلى «زيادة حجم الاستثمارات التركية في مصر، وأن أنقرة أصبحت الوجهة الرئيسية للصادرات التركية».

ووفق بيان لوزارة التجارة والصناعة (الثلاثاء)، فإن تركيا هي أكبر الأسواق المستقبلة للصادرات السلعية المصرية خلال الربع الأول من العام الحالي بقيمة 874 مليون دولار.

وأكد سعيد أن «زيارة شكري المرتقبة لتركيا تأتي في توقيت مهم جداً وحساس، سواء على مستوى العلاقات الثنائية، أو على مستوى صراعات الإقليم»، مشيراً إلى أنها «تأتي استكمالاً لمساعي البلدين لتهدئة التوترات في الإقليم وعدم توسيع رقعة الحرب، وتحييد الارتدادات السلبية للتصعيد الإيراني – الإسرائيلي، في ظل رؤية مشتركة بين القاهرة وأنقرة تدعو لوقف الحرب في غزة».

بينما أوضح عبد الفتاح أن «مصر وتركيا دولتان مهمتان لهما علاقات مع دول عدة حوّل العالم من بينها روسيا، وتقاربهما يمكن أن يكون نواة لتجمع إقليمي أكبر يضم دولاً أخرى في المنطقة ما قد يكون له تأثير على تسوية الصراعات الحالية وخلق مساحة من الحوار والتفاهم، لا سيما في ظل التصعيد الإيراني – الإسرائيلي الذي يهدد بدحرجة المنطقة إلى حرب إقليمية».

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد