الخبير والمحلل السياسي دكتور باسل ترجمان في حواره مع “مجلة استثمارات الإماراتية” :- التطورات التي يقودها الرئيس قيس بن سعيد بداية النهاية لحقبة الفساد في تونس

خاص مجلة استثمارات – أبوظبي

لأن الشأن التونسي بكل متغيراته وتطوراته يبقى محط الأنظار،  ربما للحكم أو تقييم انعكاسات اول شرارة للربيع العربي ولاسيما بعد مرور اكثر من 10 أعوام، وانعكاسات كل تلك التطورات على مجمل الخارطة العربية فقد أجرت مجلة استثمارات الإماراتية حوار مع الخبير والمحلل السياسي الدكتور باسل ترجمان والذي تبلورت له رؤية نتاجاً لعمله في الميدان السياسي فضلاً على كونه كاتب صحفي في الشأن التونسي ومجمل الشؤون العربية التنموية.

وقد تناول الحوار محاور عديدة بالأخص ماذا تحقق بعد الثورة التونسية وهل تحققت أمال الشعب التونسي؟ أم ما زال الطريق صعباً وشاقاً، وماذا تنتظر تونس من أشقائها العرب.. أسئلة متعددة يجيب عليها الدكتور باسل ترجمان في السطور التالية :-

س / 1

نريد منكم إطلالة على الشأن التونسي بكافة جوانبه بعد مرور أكثر من عقد على انطلاق شرارة الربيع العربي باحتكاك تونسي ؟؟ باختصار أين تقع الأن تونس على خارطة أحلام الشعب التونسي وذلك على كافة الصعد السياسية والاقتصادية وقبل كل شئ الاجتماعية أو ما يعرف بحقوق الإنسان وطموحات ثورة أشعلت منطقة الشرق الأوسط؟

عند سقوط نظام الرئيس الاسبق زين العابدين بن علي كانت حناجر الشباب الذي صنع الثورة تهتف بشعار “شغل، حرية، كرامة وطنية” فما الذي تحقق لها بعد عشر سنوات من سقوط النظام، سؤال يربك كل المشهد السياسي في تونس ويظهر ضحالة ما تحقق لمصلحة الشعب، وحجم ما استأثرت به طبقة سياسية فاسدة لم يكن لها علاقة بمسار الثورة ولكنها قفزت عليه وحولته الى سلطة فساد سياسي بامتياز وغدرت بتضحيات الشباب الذي كان يحلم بتغيير واقعه.

نتيجة خيبت امال الشعب التونسي الذي توهم ان هؤلاء الذين سيأتمنهم على احلامه واماله بالمستقبل سيكونون في مستوى الامانة ، لكن كل ذلك لم يتحقق منه شيء بل ساءت الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية في تونس بدرجة غير مسبوقة جراء الفساد الذي ميز عمل الحكومات التي تتالت على السلطة منذ سنة 2011، ويمكن القول ان الكثير من احلام الشعب التونسي سرقتها احزاب تحالفت مع الفساد والمفسدين الذين استعملوا التجربة الديمقراطية لتثبيت منظومة حكم اساسها فاسد وعمادها مشبوه، مما دفع الى خروج الشعب التونسي يوم الخامس والعشرين من يوليو ليعلن نهاية هذه المرحلة السوداوية من تاريخه.

س / 2

إذا تطرقنا للشأن السياسي تحديداً مع مراوحات وسجلات للحكومة والرئيس التونسي بل ومعارك ضارية مع العديد من اقطاب السياسة في المشهد التونسي … هل البوصلة في ظنكم تسير شطر الاستقرار السياسي على المدى البعيد .. ما الذي يتهددها ؟

ما يجري في تونس اليوم هو بداية النهاية لمرحلة الفساد وبداية مرحلة جديدة اساسها تثبيت اسس حكم قائم على النزاهة والشفافية والمحاسبة لأن اول اسس الديمقراطية والحكم الرشيد هي نزاهة مؤسسات الحكم وكلما كانت منظومة العمل في مؤسسات الدولة نزيهة كانت الدولة قوية ومنيعة وما شهدته تونس يوم الخامس والعشرين من يوليو الماضي اثر اعلان الرئيس قيس سعيد عن قراراته بالقطع مع منظومة الفساد وانهاء وجودها شكل بداية السير نحو انهائها ومن الطبيعي جدا ان لا تستسلم هذه المنظومة التي عاشت واستفادت من الفساد والمحسوبية والتحالفات مع القوى السياسية المرتبطة بالعصابات والمهربين ومبيضي الاموال بسهولة وتقبل بالأمر الواقع لأن مصالحها التي ضربت في مقتل تحولت بالنسبة لهم قضية حياة او موت وبالتالي نتابع هذا العنف والتحريض الذي تقوم به دفاعا عن مصالحها.

المؤشرات العامة إيجابية تماما خاصة في ظل التفاعل الشعبي الكبير مع التغيير الذي تعيشه تونس وتلاقي الفعل السياسي مع الرغبة الشعبية في التخلص من منظومة الفساد وهذا يساهم في مساندة شعبية كبيرة يلقاها الرئيس عند اتخاذ قراراته التي يسعى لأن تكون بوابة التغيير الحقيقي وان تأسس لجمهورية جديدة تقطع مع انظمة بنت الدولة ضمن مفهوم الولاء لشخص وليس الولاء للوطن.

س / 3

الحديث عن الشأن الاقتصادي بات يخضع حالياً للعنة الإزمات المتعاقبة سواء العالمية أو داخل كل دولة من أزمة التباطوء الاقتصادي العالمي أو ازمة فيروس كورونا وأخيراً ازمة الصراع الروسي الإوكراني.. والسؤال ما هي منهجية الحكومة التونسية ورؤى السلطات الاقتصادية في التعامل مع تداعيات تلك الأزمات.

الوضع الاقتصادي في تونس صعب وهذا ليس جديدا ونتاج طبيعي لمنظومة لصوص نهبت المال العام وتسبب بإغراقها بديون تفوق 120 مليار دينار تونسي ما يقارب 40 مليار دولار وزاد من تصعيد الأزمة جائحة كورونا التي تسبب في تباطؤ الاقتصاد العالمي وضرب الكثير من الاقتصاديات العالمية وخاصة السياحة والصناعات والمنتجات الزراعية المعدة للتصدير، وتونس مثل كل دول العالم تأثرت بذلك اقتصاديا ثم جاءت الازمة الروسية الاوكرانية والتي تسببت في رفع اسعار الغذاء العالمي ولها انعكاسات كبيرة على تونس التي تربطها علاقات طيبه مع البلدين وتعبر سوق سياحية كبيرة لمواطنيها كما تستورد منهما كميات كبيرة من احتياجاتها الاساسية من القمح.

ورغم كل هذه المؤشرات التي تبدو سلبية فإن الاقتصاد التونسي عاد للعمل والانتاج ونجحت الحكومة رغم قصر المدة التي تسلمت فيها مهامها في تجاوز الكثير من الازمات والعوائق التي اعترضتها ونجحت في تثبيت الاستقرار المالي للدولة عبر انتظام صرف الرواتب وسداد اقساط الديون الخارجية في اجالها وعدم المطالبة بإعادة جدولتها وارتفاع احتياطي العملات الاجنبية لدى البنك المركزي لما يزيد عن تغطية اربعة اشهر من الواردات يضاف لذلك موسم فلاحي كبير جدا في مستوى القمح وتوقع بإنتاج كميات قياسية من الفواكه والتي سيتم تصدير كميات كبيرة منها وفي ظل توقع موسم سياحي ممتاز حيث تتحدث التقارير عن استقبال ما يزيد عن خمسة مليون سائح خلال هذه السنة، وهذا يعطي مؤشرات على النجاح في الانتقال من مرحلة العجز الى مرحلة الانتاج وتغطية التزامات الحكومة في ميزانية سنة 2022.

س / 4

هل ترون مقدرة الاقتصاد التونسي على مجابهة ازمة ارتفاع اسعار المحروقات وكيف يستطيع مجابهة اضطرابات واحتاجاجات المزارعين؟

الاوضاع التي يعيشها العالم اجمع جراء الأزمة في اوكرانيا زادت تأثيراتها على تونس خاصة وان اسعار الوقود تساهم الدولة بمبلغ كبير جدا عبر صندوق الدعم في الحد من اسعارها وابقائها في معدلات تعتبر منخفضة مقارنة بالأسعار العالمية وهذا زاد من تحميل الدولة لأعباء اضافية لم تكن متوقعة عند اقرار ميزانية السنة المالية 2022.

مواجهة هذه الاوضاع تتم عبر محاولة ايجاد تلائم في المستوى السعري بين الاسعار العالمية التي تشتري فيها تونس المحروقات وبين ضمان عدم الترفيع بنسب كبيرة في اسعارها لما لذلك من تأثير مباشر على كل الاقتصاد بكل مستوياته وما يتسبب فيه رفع الاسعار من زيادات مباشرة في تكاليف النقل والانتاج والذي سيؤثر بشكل مباشر على الطبقات الاجتماعية محدودة الدخل او المتوسطة .

واحد اهم القضايا التي تواجه الحكومة التونسية تتلخص في ايجاد اليات لإيصال الدعم المقدم للكثير من المواد الاساسية والتي يذهب جزء كبير منها الى غير مستحقيه عبر ايجاد اليات ايصال الدعم بشكل مباشر ونقدي للعائلات المحدودة الدخل وليس لمن لا يستحق وخاصة في قطاع النقل الذي يستفيد الاغنياء منه دون وجه حق على حساب الفقراء.

س / 5

ماذا تنتظر تونس من اشقائها العرب ؟

علاقات تونس مع اشقائها كانت ومازالت طيبة ومثمرة ورهان تونس اليوم على تعزيز الاستفادة الكبرى من هذه العلاقات عبر اعادة رفع نسق الاستثمار في تونس ضمن قوانين تضمن حماية حقيقية لها وتشجع على ذلك، خاصة وان عودة الاستثمار الى تونس تعزز بشكل كبير بعد سقوط منظومة احزاب الفساد التي كانت تسعى لابتزاز المستثمرين مما تسبب بهروب المئات منهم في السنوات العشر الماضية.

وتشجيع الاستثمار المباشر في العديد من المجالات السياحية والصناعية احد القضايا التي تعتبرها تونس اساسية لضمان اعادة انطلاق الاقتصاد على اسس صحيحة وسليمة يخدم مصالح الجميع ويدفع بتطوير سوق العمل والتنمية في تونس .

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد