دولة الإمارات وجمهورية اليونان… آفاق واعدة لشراكة اقتصادية شاملة

ترتبط دولة الإمارات بعلاقات اقتصادية حيوية ومتنامية مع جمهورية اليونان الصديقة، أسست على امتداد سنوات طويلة من التعاون والتبادل التجاري والاستثماري قاعدة متينة يمكن الانطلاق منها نحو بناء شراكة اقتصادية شاملة في ظل الآفاق الواعدة للنمو والرؤى المشتركة للمستقبل ولاسيما في قطاعات الاقتصاد الجديد. ومنذ إطلاق الشراكة الاستراتيجية الشاملة في نوفمبر 2020، شهدت العلاقات الإماراتية اليونانية نمواً كبيراً على الرغم من تأثير جائحة كورونا على المشهد العالمي، كما أسهمت الشراكة في تعزيز التعاون ضمن محاورها الرئيسية التي تتضمن المجال الاقتصادي والتعاون الدولي والاستثمار، والطاقة، والبيئة، والزراعة، وغيرها. وتعكس القفزات المتسارعة في التدفقات الاستثمارية والتبادل التجاري بين البلدين خلال السنوات العشر الماضية، حجم الفرص والإمكانيات الكبيرة التي يتمتع بها البلدان، لتطوير علاقات تجارية واستثمارية مستدامة ومتنوعة خلال المرحلة المقبلة، والعمل معاً على تعزيز وصول الشركات والقطاع الخاص إلى الفرص الواعدة في أسواق البلدين.

قفزة في التبادل التجاري
ووفقاً لبيانات وزارة الاقتصاد، سجل التبادل التجاري غير النفطي بين البلدين قفزة كبيرة خلال العقد الماضي بارتفاعه من نحو 772 مليون درهم في عام 2012، ليصل إلى نحو 2.1 مليار درهم في عام 2021، بنمو قدره 165%، وبمتوسط سنوي قدره 1.2 مليار درهم، فيما سجل نمواً بنسبة 67% مقارنة مع 2020، وبنسبة 23% عن عام 2019.
وتشير البيانات إلى تسارع وتيرة الصادرات وإعادة الصادرات الإماراتية إلى اليونان خلال السنوات العشر الماضية بارتفاعها من 164.5 مليون درهم، لتصل إلى أكثر من 635.7 مليون درهم في العام الماضي بنمو زادت نسبته على 286.4%، فيما ارتفعت واردات الدولة من اليونان في المقابل وخلال نفس الفترة بنسبة بلغت 131.3% لتصل إلى 1.4 مليار درهم في 2021، مقارنة مع 607.5 مليون درهم في عام 2012.

وبلغ رصيد قيمة الاستثمار اليوناني في الإمارات أكثر من 341 مليون درهم نهاية 2019، منها قرابة 50% في الأنشطة العقارية، و23% منها في النقل والتخزين و20% البناء والتشييد والمعلومات والاتصالات بنسبة 4%. وفي المقابل، زاد رصيد الاستثمارات الإماراتية المباشرة في اليونان لنهاية 2020 على 954 مليون درهم. ويتسم التعاون القائم بين دولة الإمارات واليونان بتنوع قطاعاته، والتي من أبرزها السياحة والطيران والتكنولوجيا والاقتصاد الجديد، وجاذبية البلدين معاً للاستثمار، حيث تحتضن اليونان استثمارات إماراتية ناجحة في العديد من الأنشطة الاقتصادية الحيوية، مثل الصناعات الدوائية والاتصالات وتطوير البنية التحتية وبناء السفن والمشاريع الزراعية والقطاع السياحي، والبناء والتشييد والقطاع المالي والمصرفي، لشركات إماراتية كبرى أبرزها إي أند، والاستثمارات البترولية الدولية، وايجل هيلز وشركة طاقة ودبي القابضة وموانئ دبي العالمية وجلفار.

واكتسبت العلاقات الاقتصادية بين البلدين خلال السنوات الأخيرة، زخماً كبيرا تعكسه الزيارات المتبادلة للقيادة السياسية في البلدين والوفود الرسمية والتجارية والاستثمارية، الأمر الذي يعكس حرص البلدين معاً على تطوير علاقتهما الاقتصادية، لتعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية والسياحية بينهما، وتسهيل تبادل الخبرات والمعلومات في جميع المجالات المتعلقة بالاستثمار المشترك، ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة ورواد الأعمال، وتطوير بنى شبكات الأعمال التي تشجع التعاون، مثل حاضنات الأعمال التجارية والتجمعات، وتدابير تعزيز بناء القدرات والترويج لريادة الأعمال في كلا البلدين.

وفي إطار جهود البلدين لرفع حجم التجارة البينية، قامت الاتحاد لائتمان الصادرات، وهي شركة حماية الائتمان التابعة للحكومة الاتحادية بدولة الإمارات، في أواخر العام الماضي بتوقيع مذكرة تفاهم مع وكالة ائتمان الصادرات اليونانية، لتعزيز التعاون التجاري والاقتصادي بين الإمارات واليونان.
وبموجب هذا التعاون، تدعم وكالتا ائتمان الصادرات الشركات المحلية في كلا البلدين والتي تعمل في قطاعات الزراعة والبناء والصلب، والألمنيوم والسيراميك والطاقة المتجددة والميكانيكية وإدارة النفايات، وذلك من خلال توفير حلول التمويل التجاري لدعم نموها على الصعيد الدولي. ومن شأن هذه الشراكة أن تسهم أيضاً في دعم نمو الشركات الصغيرة والمتوسطة وتعزيز تجارة الحلال من خلال توظيف الحلول التمويلية والتأمينية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية.
وبموجب هذا التعاون، يتعاون الطرفان في مجالات التأمين وإعادة التأمين والتأمين المشترك، وتبادل الخبرات وأفضل الممارسات في مجال الاكتتاب التجاري، وإدارة المخاطر، وتقييم مخاطر الدول، وتحصيل المطالبات، والاسترداد.
وأكد الرئيس التنفيذي لشركة الاتحاد لائتمان الصادرات ماسيمو فالسيوني النمو المستمر في العلاقات الإماراتية اليونانية في مختلف المجالات، بما في ذلك التجارة الثنائية والاستثمارات، وذلك بفضل الشراكة الاستراتيجية والعلاقات الودية بين البلدين.
وأشار فالسيوني إلى أن الاتفاقية مع وكالة ائتمان الصادرات اليونانية ستشكل عاملاً رئيسياً في نمو وزيادة القدرة التنافسية للشركات الإماراتية المصدّرة، وتساعد الشركات في كلا البلدين على التوسع على نطاق عالمي، بدعم مجموعة واسعة من حلول حماية الائتمان، والمعلومات المتعلقة بالسوق، وسهولة الوصول إلى التجارة الدولية. كما ستحمي الشركات الصغيرة والمتوسطة والمؤسسات الكبيرة من المخاطر التجارية وغير التجارية التي قد تواجهها عند العمل في الأسواق الخارجية.
كما أشار بدوره جريجوري ستاماتوبولوس، مدير عام وكالة ائتمان الصادرات اليونانية، حينها إلى أن هذه الشراكة ستلعب دوراً محورياً في تعزيز الاستقرار الاقتصادي والنمو التجاري لكلا البلدين في ظل العلاقات الثنائية طويلة الأمد بين اليونان ودولة الإمارات.

خلال شهر يونيو الماضي تم عقد «منتدى أعمال إماراتي يوناني» برئاسة «القابضة»/ADQ/ وعدد من الرؤساء التنفيذيين لأبرز الشركات الإماراتية الرائدة في مجالات الطاقة والاستثمار والصحة والزراعة والصناعات الدفاعية والبنية التحتية، والتطوير العقاري، والقطاع المالي، حيث هدف المنتدى بشكل رئيس إلى تفعيل اتفاقية إنشاء الصندوق الاستثماري المشترك بقيمة 4 مليارات يورو، والتي تم الإعلان عنها خلال زيارة رئيس الوزراء اليوناني إلى أبوظبي في شهر مايو الماضي، كما سيساهم هذا المنتدى في تعزيز قنوات التواصل بين الشركاء من الجانبين وبما يضمن خلق فرص استثمارية تحت هذا الصندوق.

دور أكبر للقطاع الخاص
يتوقع أن يسهم الزخم المتواصل في العلاقات الثنائية في الانتقال بالعلاقات الاقتصادية بين البلدين إلى مستوى أعلى من الشراكة وتوسيع مجالات العمل الاقتصادي بهدف خلق فرص جديدة بين مجتمعي الأعمال والقطاع الخاص في البلدين في مختلف القطاعات ذات الاهتمام المشترك، لاسيما قطاعات اقتصاد المستقبل مثل الاقتصاد الدائري والطاقة المتجددة والسياحة والطيران وتقنية المعلومات والاتصالات والتكنولوجيا المالية والمصرفية والأمن الغذائي والنقل المستدام، بما ينسجم مع رؤية دولة الإمارات للخمسين المقبلة، والاستراتيجيات التنموية التي تتبناها جمهورية اليونان.

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد